بقلم : محمد أمين
قضيت وقتًا ليس بالقليل أفتش في جداول التنسيق، ربما لإشباع رغبة قديمة في معرفة كيف تطورت مكاتب التنسيق، وإلى أي مدى مازالت كلية الإعلام كلية قمة في التخصصات الأدبية؟.. وفوجئت بأن كليات الإعلام أصبحت تقريبًا في معظم الجامعات الحكومية والخاصة.. وهكذا كلية السياسة والاقتصاد، أصبحت موجودة في جامعات إقليمية كثيرة.. وكان السؤال: على أي أساس توسعت مكاتب التنسيق في كليات الإعلام؟.. هل السوق تستوعب هؤلاء الخريجين؟.. هل كان السبب تقليل الاغتراب فقط وتلبية رغبات الطلاب بعيدًا عن سوق العمل؟!
لماذا كل هذا العدد من المقبولين في الجامعات في وقت لا يستطيع الطلاب العثور على فرص للتدريب؟.. كما أن سوق العمل أصبحت تضيق بمن فيها، لدرجة أصبحنا نقرأ عن شباب يحملون كارنيه نقابة الصحفيين العريقة ويعملون أعمال إضافية أخرى، فأى مستقبل ينتظر الطلاب المستجدين؟!
وقد قرأت مقالات من بعض الأساتذة في كلية الإعلام ينصحون أبناءهم بالبحث عن كليات أخرى عملية أو علمية، كما أنهم يرون أن المناهج لا تتطلب أربع سنوات لدراستها، وعلى أكثر تقدير لا تحتاج أكثر من عام واحد فقط!
للأسف، حظ خريجى الإعلام مثل حظ خريجى السياسة والاقتصاد.. هؤلاء لا يجدون الفرصة لتحقيق حلمهم وهؤلاء لا يجدون الفرصة أيضًا.. وتضيع أحلامهم من أول مكتب التنسيق.. الذي يقتح الباب على مصراعيه للطلاب طبقًا للمجموع وليس فرص العمل.. فالعمل في النهاية لا يرتبط في الإعلام بخريج الإعلام، ولا يرتبط في العمل الدبلوماسى بخريج السياسة والاقتصاد، وأعرف أن أحد وزراء الخارجية لم يكن هدفه الالتحاق بالعمل الدبلوماسى، ولا العمل فيه ولكنه ذهب إلى كلية قمة لم يوفق فيها، ورسب في العام الأول، فانتقل إلى كلية التجارة ثم عندما تخرج عمل بالسلك الدبلوماسى، حتى أصبح وزيرًا!.
القصة معروفة ولا أريد أن أكشفها أكثر من ذلك.. فالحكاية ليست بالسياسة والاقتصاد ولا بالإعلام.. ومكتب التنسيق يعطى الفرصة للجميع حسب مجموعهم ولكنه لا يضمن بعد ذلك العمل في السوق، فالوظيفة تخضع لضوابط أخرى نعرفها جميعًا!.
أذكر عندما جاءنى ترشيح مكتب التنسيق لكلية الإعلام أننى استعددت من يومها لأكون صحفيًّا مع أن التخصصات مختلفة، كان يمكن أن أدخل الإذاعة وقد رشحنى البعض لذلك؛ فقلت: هي الصحافة، فلما تخرجت كنت قد تدربت في أكثر من صحيفة، كان المجال مفتوحًا.. لم تكن هناك عوائق اجتماعية أو مادية أو سياسية!
بالتأكيد الظروف تغيرت ولكنى اقول إننى لم أصادف موهبة جادة، وأغلقت دونها الأبواب.. فقد قاتلنا لمساعدة أي زميل عنده موهبة، ووقفنا معه حتى تم تعيينه، وأعترف بأن لديهم وفاء كبيرًا والحمد لله!.
هكذا كان مناخ الصحافة في الثمانينيات، وهكذا هو المناخ الآن.. فهل يحقق الطلاب الخريجون أحلامهم من مكتب التنسيق؟