بقلم -محمد أمين
هذا هو المقال الأخير عن صنايعية مصر، وأرجو أن أكون قد قدمت فيه فكرة مفيدة للرأى العام، وأكتفى هنا بما ذكرته، ولكن تبقى فكرة أخيرة قدمها ، مدير بإحدى الشركات فى المعادى.. يقول فيها: «أتابع- بشغف واهتمام- كتاباتك اليومية بـ(المصرى اليوم)، فهى دائمًا تحمل الجديد.. وبالنسبة لموضوع الصنايعية المَهَرة، فهم فعلًا ينقرضون، معظمهم ذهب لقيادة الـ(توك توك)، والآخرون يقومون بأعمال تافهة، أو لا يعملون أساسًا.
والحل فى اعتقادى بتحويل المدارس الصناعية المهنية إلى مدارس داخلية، يعيش فيها الطالب على حساب الدولة كاملًا، بل يتقاضى راتبًا أيضًا، تشجيعًا له وإغراء لولى أمره على إلحاقه بهذه المدارس، خاصة محدودى الدخل منهم، الذين بالكاد يجدون قوت يومهم!». ويقول: «لضمان عمل الطالب فى مهنته، لابد من تدوين المهنة ببطاقته الشخصية، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، خصوصًا من خلال استخدام الرقم القومى، لمنعه من الحصول على أى مهنة أخرى، أو الاستفادة من خدمات الدولة، إذا ما حاول العمل فى مهنة أخرى.
ولا أشك فى قدرة المُشرِّعين على استحداث أى ضمانات أخرى لضمان استمراره فى مهنته، وتحياتى لشخصكم الكريم»!.
والمهندس سراج يُدخل الدولة طرفًا فى الفكرة، حيث تقوم بتقديم الدعم والإقامة والرعاية، ودفع رواتب حافزًا، يكون مقابلها عدم التوظيف فى وظائف الحكومة.. وهى فكرة جيدة تشجع على العمل بجدية، وتضمنها كوظيفة!.
وأعتقد أننى حين كنت أتحدث عن صنايعية مصر لم أكن أقصد السباك والميكانيكى والكهربائى فقط، ولكن كل أصحاب المهن أيضًا، بمَن فيهم النجارون والصحفيون والإعلاميون!.
فقد كان الصحفيون يعرفون أسطوات الصحافة فى زمانهم.. وأذكر أننى تحدثت ذات يوم مع الكاتب الكبير، الأستاذ سلامة أحمد سلامة، فى بعض الأمور، وجاءت سيرة الأستاذ إبراهيم سعدة، فقال إنه الأسطى.. وكانت تعنى أشياء كثيرة، منها أنه كاتب كبير وصحفى كبير بدرجة أسطى، أى له تلاميذ ومدرسة!.
وكان مصطفى أمين قبله صاحب مدرسة صحفية.. وكان مصطفى شردى واحدًا من أسطوات وصنايعية الصحافة فى مصر، أسّس مدرسة الوفد، وكان فيها سعيد عبدالخالق، أحد الأسطوات من الجيل الثانى، والذى علّم جيلًا عظيمًا أصول المهنة وصناعة الصحافة!.
ولا يعنى ذلك أن أسطوات الصحافة اندثروا، ولكن من الجيل الحديث هناك مجدى الجلاد كمثال لأحد صنايعية الصحافة.. فقد أسّس صحفًا ناجحة، وقدم إدارة صحفية ناجحة.. شملت كوادر صحفية ممتازة، ولمع فيها كُتاب كثيرون نتيجة المناخ الذى عاش فيه هؤلاء!.
وباختصار، فالصنايعى الناجح يمكن أن يخلق مناخًا ناجحًا ويصنع نجومًا من الصحفيين والكُتاب لأنه لا يعرف الكراهية، ولكن يعرف النجاح وحده.. وهو أهم حافز يقدمه لزملاء المهنة!.