بقلم : محمد أمين
هذه ملاحظات سيدة من هوانم المجتمع وسيدات الزمن الجميل.. تغيّب زوجها لأى سبب عن محاسبة محصل الغاز والكهرباء لأن المحصل يأتى في مواعيد غير محددة.. طرق المحصل الباب، فتحت له نافذة، عرفته، فتحت له الباب، اتفضل.. الأستاذ فين؟.. للأسف غير موجود!.
دخل المحصل، قرأ العداد ومضى ثم وقف خارج البيت ليأخذ الفاتورة.. كانت السيدة تتساءل فيما بينها هل تعطيه قيمة الفاتورة؟ أم تزيد عليها قيمة البقشيش؟ هل يا ترى يشعر بالحرج؟.. هل يشعر بالكسوف؟ كانت تكلم نفسها ونسيت المحصل، استغرق الوقت ثوانى.. المهم أنها عزمت أن تعطيه البقشيش زادت على قيمة الفاتورة عشرة جنيهات.. قال لها المحصل فيه عشرة جنيهات زائدة، قالت له اعتبرها كوباية شاى علشانك!.
شكرها المحصل دون شعور بالكسوف والحرج، وتنفست الصعداء كما يقولون، لأنها كانت تخشى أن يرد عليها، ويرد لها نقودها غاضبًا لأنه موظف في شركة ممتازة!.
قالت لزوجها اتفضل فاتورة الغاز، قال لها برافو دفعتِ الغاز، قالت له سأحكى لك ما حدث كنت أخشى أن أعطيه شيئًا فيشعر بالضيق أو الحرج والكسوف، ولكنه شكرنى ومضى! لم يعد الرجال يشعرون بالكسوف أو الحرج من سيدة تعطيهم!.
كنت أنا المكسوفة سلفًا كنت أحسب حسابًا لمضايقته أو شعوره بالحرج، كنت أفكر ألف مرة قبل أن أفعل شيئًا، كنت أشعر أنى أجرحه أو أحرجه، لكنه لم يبال بمشاعرى، شكرنى وهو مطأطئ الرأس ومضى!.
قالت لزوجها لقد لاحظت أيضًا أن سلوك محصل الكهرباء والغاز تغير إلى حد كبير، كان المحصل زمان معه كثير من الفكة ليعيد الباقى إلى السكان!.
الآن الدليفرى ليس معه باق، والمحصل ليس معه باق، والمكوجى أيضًا، ومعظمهم في العقد الخامس.. هؤلاء من المؤكد يعملون فترة ثانية، بعد ضغوط المعيشة شكلهم مختلف، عليه مسحة بؤس غريبة، وفى عيونهم بعض الحزن!.
بعض السكان يدفع الفاتورة كما هي، يعتبرونهم موظفين في شركات ممتازة.. ويقولون إن شركات الغاز والكهرباء من الشركات المتميزة والمحصلين لا يستحقون البقشيش بالمرة! حتى إنهم يعتبرون الدليفرون من مطاعم معينة لا يستحقون، بينما السكان يستحقون من يعطف عليهم!.
وهكذا تغيرت عادات كثيرة في المجتمع وتغيرت سلوكيات الناس وتغيرت كثير من القيم في المجتمع، فأصبح الذين كانوا يدفعون ينتظرون من يحنو عليهم.