بقلم : محمد أمين
موضة هذه الأيام هى قوائم السبلايز.. وهى الأدوات المدرسية التى تطلبها المدارس حسب تصنيفها، دولية أو تجريبية أو خاصة.. وقد شاهدت قائمة السبلايز لطفل لا يمكن أن تقل عن قائمة المنقولات الزوجية إلا لأنها لا تتضمن غرفة نوم من سرير ودولاب وأنتريه، وفوجئت بزفة تشبه زفة العفش يسمونها زفة السبلايز!.
كانت القائمة طويلة ومتعددة تتضمن أوراق تجليد أحمر وأخضر وأصفر وكشاكيل وكراسات وألوان جواش وأوراق كانسون لا يستخدمها الأطفال فى العادة، ولا يستخدمها سوى طلاب الكليات المتخصصة!.
أصبحت العملية مبالغا فيها إلى حد كبير، خاصة حين تطلب المدارس دستة أكواب بلاستيك ودستة ورق مناديل من كل نوع، بالإضافة إلى الوايبس.. صحيح هى بسيطة فى تكلفتها بالنسبة للمصروفات التى تحسب بالآلاف، ولكن ما الداعى لكل هذا بالنسبة لطفل فى كى جى؟!.
بالتأكيد الوزارة سمعت عن قوائم السبلايز، لكنها لم تتحرك، وتركت كل مدرسة وشأنها، وهى تفسر موافقة أولياء الأمور على ذلك بأنها مسألة بالتراضى ولا دخل للوزارة فيها!.
الوزارة تركت المدارس تحدد مصروفاتها وتركتها أيضا تحدد قوائم السبلايز، لأنها تتعلق بالمدارس الأجنبية والخاصة، المهم أن المدارس الحكومية ليس لها فى هذا الكلام، ولا تعرف السبلايز!.
سألت أقاربى فى البلد عن قوائم السبلايز.. قالوا: سب إيه؟.. معندناش الكلام ده.. هو فيه إيه؟.. هنلاقيها من العيشة ولا من البتاع ده اللى بتقول عليه.. وانفجرت فى الضحك وفهمت أن قطار السبلايز لم يمر علينا ولا نعرف اسمه!.
أتذكر يوم كنت أذهب إلى المدرسة بشنطة قماش وفيها كتاب وكراسة لا أكثر، وكنا لا نعرف الكتب الخارجية ولا الدروس الخصوصية.. كانوا لا يطلبون أى شىء، المهم نروح المدرسة، ويكون الناظر فى غاية السعادة.. زمان كان الناظر يأتى قبل الموعد بساعة يمارس فيها التدريس فى تخصصه كحصة مجانية تنشيطية لا يطلب جزاء ولا شكورا.. ناظر المدرسة الآن لا يراه الناس، يختفى فى مكتبه، لأنه لا يجد إجابات عن أى شىء، فهو ليس لديه إجابة عن كل هذه المصاريف ولا كل هذا السبلايز!.
كان التعليم بالنسبة للأجيال القديمة وسيلة للترقى الاجتماعى، فأصبح التعليم لا يكيل بالبدنجان، وأصبح يقاس بالعائد من الفلوس.. وقد يقارنونه بدخل لاعب الكرة أو الممثل أو المطرب، فتغيرت منظومة القيم وتغيرت حوافز التعليم!.
باختصار، كل نجوم مصر الآن لم يعرفوا السبلايز إلا فى عهد أبنائهم.. وكلهم تفوقوا وتعلموا ببلاش تقريبا.. فهل يفعلها جيل السبلايز فى المدارس الأجنبية والخاصة ونصل إلى القمر؟.. وهل كان جيل التعليم المجانى سببا فى الفقر والتخلف فقررنا التغيير؟!.