بقلم : محمد أمين
في كل مكان سوف تذهب إليه في مصر سوف تكتشف كنوزًا عظيمة.. وفى سيوة كنوز من المياه والزيتون والنخيل.. وكهوف الملح ولحظة غروب الشمس في منطقة جزيرة فطناس.. سحر وجمال لا يوجد إلا في سيوة. ميز الله سيوة بخيراتها وناسها.. إنهم طيبون يحبون الحياة.. يتميزون بالهدوء والحكمة!.
الطبيعة هنا تفرض نفسها على سكان الواحة وزوارها.. وبالمناسبة فعدد الزوار يزيدون كل يوم.. منهم من يطلب الاستشفاء من أمراض العظام والعمود الفقرى ومنهم من يطلب العلاج من آلام المفاصل والسمنة. وسوف تجد من يصف لك العلاج من خيرات الطبيعة والبيئة.. بحيث يرجع المريض مثل الحصان.. بعد الحصول على كورس مكثف من العلاج في ثلاثة أيام.. والمواساة أن منهم أطباء علاج طبيعى وغير ذلك!.
أنت في سيوة تعيش في حالة سلام نادرة، في بيئة بدوية تبدأ النوم بعد صلاة العشاء وتصحو مع صلاة الفجر.. وقد دب النشاط في جسدك.. تذكرك بحياتك الأولى عندما كنت تعيش في القرية لا كهرباء ولا تليفزيون ولا اتصالات.. وشيئًا فشيئًا يخفت صوتك وتهدأ جوارحك ولا تسمع أصوات السيارات وتتأمل القمر والنجوم في السماء الصافية؛ فتصاب بحالة من الهدوء والسكينة والاطمئنان وتعيش حالة من الأمن لم تشعر بها من قبل!.
من ضمن العلاج هنا جلسات كهف الملح والغمر في الرمل. البعض يسميها الدفن في الرمل، وحينما قلت ذلك لزوجتى قالت «بعد الشر تعالى بلاش الفال الوحش ده».. فهى رحلة روحية تذكرك بالآخرة فيهدأ صوتك وتزهد في الأكل وهو المطلوب.. أيضًا جلسة المساج في غرفة التدليك بزيت الزيتون.. وهى مهمة جدًّا بعد مجهود كبير وتبدأ في الفوقان.. بعد علقة مبنية.. والهدف منها إرهاق الجسد وعلاج أمراض الرفاهية.. حتى يعود الجسم طبيعيًّا.. وميزة الشباب العاملين في جلسات العلاج أنهم متعلمون ومتخصصون.. قد تلقوا ذلك عن آبائهم. وهم أيضًا مثقفون يتابعون الصحف وبرامج الفضائيات عندما يفرغون من أعمالهم آخر اليوم!
هم لا يعبرون عن انطباعاتهم وأفكارهم بقسوة ولكنهم يتميزون بالصبر والحكمة والابتسامة.. فهم رجال علاقات عامة يجيدون الترحيب بضيوفهم.. ويعيشون على خدمتهم ويقدمون أحلى ما يستطيعون، ولذلك يتعود عليهم الناس بسهولة ويزورونهم كل عام في الموسم، وهذا هو رأسمالهم!.
باختصار هنا عبقرية المكان والطبيعة والإنسان.. وأصغرهم يعرف قصة الواحة ونشأتها وهم يتلقون ذلك من الأجيال السابقة في الأمسيات والسمر ويحفظونها بطريقة متشابهة تقريبًا.. لا تختلف من واحد لآخر إلا بقدر تميزه هو في الحكاية والشرح.. ومنهم محمد جاسى الذي أطلقنا عليه زاهى حواس الواحة!.