بقلم : محمد أمين
هناك قاعدة سليمة وحكمة عظيمة تقول «ما لا يُدرك كله لا يُترك كله».. هذه المقولة قاعدة سليمة، وحكمة عظيمة ترد كثيرًا فى كلام أهل العلم وعلى ألسنة الناس.. وفى رمضان نتذكر كل ملوك ورؤساء دولة التلاوة، وهم كثيرون فى مصر، وهذه نبذة بسيطة عن الشيخ محمود خليل الحصرى.. التحق الحصرى بالكُتّاب فى مرحلة مبكرة من طفولته، وتقول بعض المصادر إنه بدأ تعلم القرآن الكريم فى قرية شبرا النملة بالفيوم، عندما كان عمره 4 سنوات!.
أتم حفظ القرآن فى الثامنة من العمر، وبعد ذلك التحق بالمعهد الدينى فى طنطا. وقد انتسب إلى الحلقات العلمية بمسجد طنطا، فتعلم التجويد وعلم القراءات، وفى الأزهر، درس الروايات العشر للقرآن الكريم، وحصل على شهادات وتزكيات من الشيوخ، مما أهّله ليكون قارئًا ومقرئًا للقرآن الكريم!.
التحق الحصرى بالإذاعة المصرية عام 1944، وعبرها تعرف الناس على تلاوته، وفى 1948 أصبح شيخًا لمقرأة «سيدى عبدالمتعال» فى مدينة طنطا، وفى عام 1950 أصبح الشيخ الحصرى قارئًا للمسجد الأحمدى بمدينة طنطا، حيث أقام هناك سنوات معلمًا ومرتلًا للقرآن الكريم، وفى عام 1955 عُين شيخًا للمسجد الحسينى فى القاهرة، وفى عام 1960 صدر مرسوم رئاسى بتعيينه شيخًا لعموم المقارئ المصرية، واختارته وزارة الأوقاف مستشارًا لشؤون القرآن الكريم.
برع الحصرى فى حفظ وتجويد القرآن فى مرحلة مبكرة من عمره، ولم يمكث كثيرًا حتى درس القراءات العشر، وعندما صدح بتلاوته عبر أثير الإذاعة المصرية فى نوفمبر 1944، كانت تلك بداية قصة طويلة من خدمة القرآن والدعوة إلى الإسلام والعمل الخيرى فى أصقاع الأرض!.
وعندما انتشرت بعض المصاحف المحرفة فى 1960، كان الشيخ الحصرى فى طليعة مَن تصدوا لهذه الفتنة، حيث استجاب للنداء الحكومى بتنفيذ فكرة المصحف المسجل، ورفض أخذ أجر مقابل ذلك، وتقول عدة تقارير إن الشيخ الحصرى كان أول قارئ يسجل المصحف كاملًا مرتلًا، وكان ذلك برواية حفص عن عاصم، ولاحقًا سجل مصحفًا كاملًا مرتلًا برواية ورش عن نافع!.
تم تكريمه فى مرحلة متأخرة بإنشاء مسجد كبير باسمه فى مدينة 6 أكتوبر، وسُميت المنطقة كلها على اسمه، وأصبحت شهرة المسجد كبيرة يذهب إليه المصلون كأنه حرم، وتُقام فيه الصلوات كلها وصلاة التراويح فى رمضان، حيث يتسابق المصلون للصلاة فيه، فتجد زحامًا كثيفًا فى المسجد والمنطقة المحيطة به، فتم توفير ضباط مرور لتنظيم الساحة وحركة المرور فى الشوارع المؤدية إلى المسجد، والمحور المركزى للمدينة، وأصبح المسجد عَلَمًا على المنطقة التى يوجد فيها، فرفع الله ذكر الحصرى كما نشر القرآن فى كل ربوع الأرض، فلُقب بـ«سفير القرآن» و«شيخ القراء والمحققين»!.
وأخيرًا، يقول الحصرى: «لقد زرت جميع القارات، وكلما جئت لبلد وجدت صوتى سبقنى لذلك المكان»، وهو أول مَن رفع الأذان فى مقر الأمم المتحدة، ورتل القرآن فى مؤسسات بريطانية وفى الكونجرس الأمريكى، وأهدى الرئيس جيمى كارتر نسخة من المصحف المسموع