بقلم : محمد أمين
كنا نعرف أول عهدنا بالعمل الصحفى أن أجرة السكن لا ينبغى بأى حال أن تتجاوز ربع المرتب، حتى يستطيع الإنسان أن يقيم بين أربع حيطان، وحتى يستطيع الوفاء بمتطلبات الحياة من مأكل وملبس ومشرب، ثم يدفع الفواتير للكهرباء والغاز والمياه.. وكنت أسمع ذلك من وزراء فى الحكومة، وعلى رأسهم المهندس حسب الله الكفراوى نفسه، وهو وزير الإسكان الذى كان مسؤولًا عن سكن المصريين!
الآن، فواتير الكهرباء تتجاوز نصف المرتب وليس الربع فقط، كما كان يحدث فى السكن.. فكيف يحدث هذا فى البلد الذى أصبح مركزًا إقليميًا للطاقة؟.. إنه عبث الفواتير، الذى تفوق على عبث الأقدار فى رائعة نجيب محفوظ!
قد يقول قائل: من المنطقى أن السكن الذى يتجاوز عدة آلاف، تكون قيمة الخدمات فيه بهذا الشكل، لتكون الفواتير عبثية وحارقة.. وهذا ليس مبررًا للزيادة، بل قد يكون مبررًا لإعادة ضبط المعادلة كلها من أول القيمة الإيجارية إلى قيمة الفواتير الخدمية إلى قيمة المرتبات!
السؤال: هل يقبض الموظفون بالدولار أو بالمعدلات العالمية.. حتى يتم رفع سعر الكهرباء هكذا؟ لو كان يحدث هذا فسوف يحصل العامل على ما يعادل ٥٠ ألف جنيه كحد أدنى.
قرأت حوارًا للدكتور محمود محيى الدين، (هو أول وزير طبق الخصخصة فى مصر)، سُئل فيه عن قروض صندوق النقد: هل كانت وراء ما حدث فى مصر من اشتعال الأسعار؟.. قال: قروض الصندوق لم تكن قدرًا ولكنها اختيار.. المشكلة فى توجيه القروض، يعنى ماذا فعلنا بها؟.
نعود إلى عبث الفواتير، فهى ليست مقبولة بأى حال من الأحوال، ولا تتوافق مع دخول الموظفين والعمال.. ويجب مراجعتها بكل سرعة، لأنها تهدد الأمن الاجتماعى. ولو أن رئيس الوزراء كان يتلقى تقارير ويقرؤها جيدًا، لتوقف فورًا بعد قراءة التقارير أو مشاهدة الفيديوهات الاجتماعية والخناقات بين الجمهور ومحصلى الكهرباء والغاز والمياه.. كانت اتحادات الملاك والشاغلين تدفع الفواتير من حصيلة الصندوق، فأصبحت عاجزة بعد الزيادة عدة مرات!
وأخيرًا، هذه دعوة إلى السيد رئيس الوزراء: مطلوب التعامل بحكمة، فحق الدولة ليس أهم من حق المواطن فى الحياة.. كانت فكرة الدولة أصلًا لخدمة المواطن، ومن هنا كانت الدولة!.