بقلم : محمد أمين
عشت عشرة أيام أتفقد شواطئ إحدى الدول على البحر المتوسط، ودون أن تشعر، تجد نفسك غارقًا فى المقارنات.. وفجأة وصلت إلى نتيجة توصل إليها كاتب لبنانى معروف، اسمه أمين معلوف، عندما تحدث عن مصر وقال إنها «جنة اسمها مصر»، وبالفعل قلت عمار يا مصر!.
شواطئ مصر جنة لا نستطيع تسويقها عالميًّا، بينما هناك شواطئ صخرية لا ترقى إلى شواطئ مصر، ولكنها أوفر حظًّا وتجذب السياح من كل مكان فى العالم، وتطلق على نفسها «ميتنج بوينت أوف ذا ورلد»، أى نقطة التقاء العالم، ومعناه أنك لكى تذهب إلى أى مكان لابد أن تمر بها!.
مع أن مصر هى التى ينطبق عليها هذا الكلام، سواء كنت تعبر من الشمال إلى الجنوب أو من الشرق إلى الغرب!. المفاجأة أيضًا أننى سمعت الأغانى المصرية هناك، وخاصة أغانى المهرجانات على المقاهى والمطاعم والكافيتريات، فكيف كانت مصر فى زمن أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم، بالتأكيد
ولأن مصر فتحت ذراعيها لكل المواهب العربية، فقد وصلت هذه الأغانى إلى العالم، فهذا سودانى ينظم شعرًا تغنيه أم كلثوم، وهذا لبنانى يكتب عن مصر «جنة الله فى الأرض».. وبالمناسبة، فقد شكل الشوام جزءًا كبيرًا ًمن الوجدان العربى والمصرى، وأسهم السودانيون أيضًا فى هذه الملحمة الثقافية. وبهذه المناسبة، أنقل إليكم مقتبسات مما قاله أمين معلوف عن مصر، ما زاد من إحساسى بالجمال فى هذه الرحلة!.
يقول معلوف إنه يريد فقط أن ينقل بعض الإحساس الذى نقله إليه والداه، وهو الإحساس ببلد استثنائى، كان يعيش حقبة مميزة من تاريخه، و«كانت أمه المصرية تُحدثه مرارًا وتكرارًا عن المانجو والجوافة، التى لا يصادف المرء عطرها فى أى مكان من العالم، ومخازن شيكوريل الكبرى فى القاهرة، التى تضاهى إلى حد كبير محال هارودز فى لندن وجاليرى لا فاييت فى باريس، ومقهى جروبى الذى يرقى إلى مصافّ مقاهى ميلانو أو فيينا، دون أن تغفل شواطئ الإسكندرية المديدة والمسترخية على البحر المتوسط»!.
ويحكى «معلوف» عن أزمة عميد الأدب العربى طه حسين مع الأزهر عندما تكلم عن الشعر الجاهلى، وكان ذلك عام 1926 عندما اندلع سجال بعد نشر كتاب الشعر الجاهلى، ما أدى إلى تكفيره، ورغم الهجوم على طه حسين من الأوساط المتزمتة، كان ينظر إليه معاصروه نظرة إكبار وإجلال، وعُين فى أرفع المناصب عميدًا لكلية الآداب، ثم رئيسًا لجامعة الإسكندرية، ثم وزيرًا للمعارف!.
كانت رحلة رائعة، ولكن مصر أروع، خاصة لو تم استغلال عطر المانجو فى عمل رحلات سياحية لمزارع المانجو، خاصة أننا ندخل فى موسم المانجو الآن، ويمكن عمل رحلات للسياح إلى الإسماعيلية لشراء المانجو والاستمتاع بمذاقها، فقد استمتعنا برحلات إلى مناطق زراعة الكريز والتوت الأحمر والأسود والتين والزيتون ومصانع المربات والحلويات، وكانت من أجمل اللحظات، فمَن لم يستطع الشراء ذاق طعم المربات والحلويات!.