بقلم : محمد أمين
قصص النجاح فى حياتنا قليلة، ولذلك نتمسك بأصحاب قصص النجاح ونتعلق بهم ونحكى حكاياتهم لتشجيعهم وتشجيع الآخرين على أن يحذوا حذوهم.. فعلت هذا مع الدكتور شريف أبوالنجا ومستشفى السرطان، ومع الدكتور جمال شيحة ومستشفى الكبد، وقمت بزيارته فى شربين.. وأفعل هذا لو قرأت عن أى نجاح.. وأحب الناجحين وأقترب منهم، ولو حتى للحصول على الطاقة الإيجابية!
وليس سرًا أننى أحببت الدكتور محمد عبدالوهاب، الخبير العالمى فى مجال زراعة وجراحة الكبد، والدكتور أحمد شقير، الطبيب العالمى فى مجال الكلى.. أذهب إليهما بكل حب وأستمع إليهما كطالب علم.. فهما فى قمة التواضع والكرم.. وقد التقيت منذ يومين بالدكتور عبدالوهاب فى إطار الاستعدادات للمؤتمر الدولى للكبد، المقرر عقده فى القاهرة نهاية الأسبوع القادم.. وكان سعيدًا بانعقاد المؤتمر وتعاون أجهزة الدولة من ناحية ورجال الأعمال من ناحية أخرى.. وأشاد بالدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، الذى بذل جهدًا علميًا كبيرًا كى ينجح المؤتمر فى مصر!
كان البروفيسور «عبدالوهاب» يحكى عن دور رجال الأعمال ودعم المؤتمرات العلمية.. حكى شيئًا عن «أوناسيس» الرجل اليونانى الغنى الذى احتضن جمعية الكبد الدولية وتعهد بدعمها ودعم مؤتمراتها فى العالم بكل ما تحتاجه من تذاكر سفر وحجز فنادق وإقامات وجميع التكاليف.. وحكى قصة طريفة أيضًا عن بائعة الجرجير، فقال: جاءتنى سيدة فقيرة تحمل ابنها الصغير تريد أن تُجرى له زراعة كبد، فسألها: وأين المتبرع؟ قالت السيدة: أنا.. فقال: العملية باهظة الثمن.. قالت له: لا أملك إلا تذكرة التوكتوك!
يقول الدكتور عبدالوهاب: وهنا أُسقط فى يدى، فقلت خلاص على بركة الله، سأتحمل عنك التكاليف.. يقول الدكتور: أبلغتهم بأن يجهزوا الحالة وأنا سأدفع عنها التكلفة.. ومضت السيدة وكأنها دعت ربها بأن يعوضنى الله، فوجدت رجل أعمال جاء يدفع تبرعًا يعادل ثمن العملية وأزيد منها!
لا أخفى عليكم أن البروفيسور «عبدالوهاب» لم يفتح عيادة ولم يتلق أجرًا عن عمله، وهذه واقعة أذكرها لأنى رأيتها بعينى.. كنا جلوسًا فى مقهى فعرفه مريض كبد، فطلب منه مساعدته، فقرأ أوراقه وقام إليه فى ترابيزة مجاورة، وكشف عليه دون أن يقول له ليس هذا وقته، أو تعالَ فى العيادة ليدفع الكشف.. لا لم يفعل هذا، وإنما قام بكل رضا وراح يطمئن عليه، ويكشف ويسأل ويستمع ويكتب الروشتة!
باختصار، هناك أشياء يؤمن بها لا يمكن أن تُشترى بالمال، منها الصحة والسعادة.. ولو كان المال هو أملك الوحيد فى تحقيق الاستقلال فإنك لن تحصل عليه. إذ إن الأمان الحقيقى الذى يمكن للإنسان أن يحصل عليه فى هذا العالم هو خزين المعرفة والخبرة والقدرة!