بقلم : محمد أمين
أول رئيس هيئة للسكة الحديد عرفته بشكل مباشر كان المهندس حنفى عبدالقوى، كان ذلك فى الفترة التى واكبت كثيرًا من الحوادث فى السكة الحديد، مع بداية الألفية.. وكان الرجل يتقدم باستقالته فور أى حادث، وخرج من الهيئة عقب إحدى الحوادث المروعة حين قبل الوزير استقالته، لرفع الحرج عن العاملين فى السكة الحديد ووزارة النقل!
ويومها عرفت كثيرًا من أسرار السكة الحديد، وما تحتاج إليه من وحدات وكهربة الإشارات والمزلقانات.. وبدأت الدولة تنتبه إلى خطورة الوضع، وقررت أن تأتى بوزير نقل يعمل فى الورش، وجاءت بحمدى الشايب الذى وافته المنية فى الشغل، وراح ضحية السكة الحديد!
فى هذه الأثناء سمعت عن «المحولجى» ومعظم وظائف الهيئة، وركبت القطارات وأنا أعرف بعض المعلومات عنها.. ثم كانت المرحلة الثانية على يد المحولجى سى عبدالمجيد موظف فى السكة الحديد فى فيلم «أفواه وأرانب».. وكان يقوم بهذا الدور البطل فريد شوقى.. الذى كان مفاجأة الفيلم.. وكان سكيرًا يقضى وقته فى الشرب كى يهرب من الزوجة والأولاد!
وأدى هذا الدور بمهارة وعبقرية.. لم نكن نصدق أن يقوم بهذا الدور فريد شوقى، ولا نعرف كيف أقنعه المخرج بركات بهذا الدور؟!، وكانت الجملة الشهيرة على لسانه عندما يذكر اسمه أن يقول عبدالمجيد موظف فى السكة الحديد، وكان يذكر ذلك على سبيل الفخر!
ولم يكن اختيار اسم عبدالمجيد فى الفيلم صدفة، فقد كان يشير إلى اسم رئيس الهيئة فى أواخر الخمسينيات، وكان اسمه عبدالمجيد بدر باشا، عندما كان رئيس الهيئة من باشوات مصر، بما يُضفى على الهيئة من قيمة، ويضفى على صاحبنا من مكانة!
كان موظف السكة «حاجة كبيرة».. صحيح أن عبدالمجيد فى الفيلم كان سكيرًا ولا يستطيع الوفاء بالتزامات بيته وأولاده، ويريد أن يزوج «نعمت»، شقيقة زوجته، التى تلعب دورها فاتن حمامة، من أحد الميسورين والتجار ليعاونه فى تربية أولاده.. الآن تراجعت قيمة الوظيفة فى الهيئة وأصبح «المحولجى» من يُقبض عليه فى كل حادثة لمعرفة أسباب الحادث!
تجددت هذه الذكريات بعد حادث قطارى الزقازيق، وتذكرت المهندس حنفى، الذى كنا ننظر إليه بشفقة، لأنه كان دائمًا كبش فداء فى كل حادث، وكان الدميرى سيئ الحظ، قليل البخت، قاده حظه العاثر إلى تولى وزارة النقل والمواصلات ووزارة الطيران المدنى قبل أسبوعين فقط من حادث تحطم طائرة مصر للطيران فى المياه الإقليمية للولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٩٩، وكان حادث حريق قطار الصعيد الشهير الذى راح ضحيته مئات القتلى والمصابين بوقفة عيد الأضحى عام ٢٠٠٢، كفيلًا بإقالة الدكتور الدميرى من منصبه لتهدئة الرأى العام، ثم عاد إلى منصبه فى وزارة النقل من جديد عام ٢٠١١، وهو ما أثار جدلًا واسعًا فى الأوساط السياسية فى مصر عقب اختياره فى وزارة الدكتور حازم الببلاوى، كونه لم يحقق أى نجاحات أثناء توليه الوزارة، بالإضافة إلى وقوع حوادث مروعة فى قطاع النقل والطيران!.