بقلم - محمد أمين
ربما شعر المجتمع الأمريكى بالألم لكنه لم يشعر بالرعب، بعد مجزرة تكساس.. لم تصدر مطالبات بوقف تسليح الأطفال أو تعديل قوانين حمل السلاح.. لو حدثت في بلادنا حادثة مشابهة فسيتم إلغاء رخص السلاح ووقف بيع الأسلحة وربما تُغلق محال بيع السلاح.. وقد تحدث تعديلات تشريعية على القوانين القائمة. في أمريكا لا شىء حدث!.
ومن المفارقات أن ترامب، الرئيس الأمريكى السابق، قال: «يجب علينا أن نتحد جميعنا، جمهوريين وديمقراطيين، لتحصين مدارسنا وحماية أطفالنا».. «ما نحتاجه الآن هو إصلاح أمنى شامل في المدارس في جميع أنحاء بلدنا»، وقال، أمام جمعية البنادق: «وجود الشر في عالمنا ليس سببًا لنزع سلاح المواطنين الملتزمين بالقانون، بل على العكس هو أحد أهم أسباب تسليحهم»!.
وراح ترامب يتحدث عن التأمين والتسليح والرقابة أكثر مما تحدث عن الإغلاق والمصادرة وتمشيط المنطقة المحيطة بالمدرسة، وقال إن مختلف سياسات الرقابة على السلاح التي يروج لها اليسار لم تكن لتفعل شيئًا لمنع الحادث المرعب، لا شىء على الإطلاق!.
وانتقد جو بايدن لوبى الأسلحة لكنه لم يستطع أن يفعل شيئًا.. وقال إنه قد يزور المدرسة، اليوم الأحد، مع السيدة الأولى، لتقديم واجب العزاء لأسر ضحايا المجزرة.. وكانت هناك انتقادات لقائد الشرطة، الذي وصل إلى مسرح العمليات ولم يهاجم القاتل، باعتبار أنه ليس خطرًا على الأطفال، وإن كان قد تم إطلاق النار عليه في النهاية فسقط غارقًا في دمائه!.
المُلاحَظ أن المجتمع لم يفقد إيمانه بقيمة العدالة، ولم يتعامل بهلع مع الأمر.. وترك الأمر للشرطة تتعامل مع الموقف.. وكانت أم الطفل تقول بالتأكيد عنده أسبابه التي دفعته إلى ارتكاب الجريمة، والده أيضًا خرج عن صمته، وقال إن ابنه ليس وحشًا، ولكنه يتألم لأسباب نفسية!.
وهى أعذار أب وأم في النهاية، وكان جديرًا بهما أن يعرضاه على طبيب نفسى لعلاجه، فلا يرتكب جريمته الشنعاء!.
لوبى السلاح كان أكثر نفوذًا في كل جرائم استخدام السلاح في أمريكا.. وهم يقولون إن الولايات المتحدة شهدت 214 حادث إطلاق نار جماعى هذا العام، وفق منظمة «العنف المسلح».. المهم أن حاكم ولاية تكساس لم يحضر مؤتمر الجمعية لا هو ولا نائبه تجنبًا لإثارة المزيد من الألم للعائلات!.
لا أكتب هنا لأقيم مقارنة بين أمريكا وبيننا، فهذه واحدة من خصوصيات المجتمع الأمريكى.. وإنما أحاول أن أضع بين أيديكم قراءة كيف تصرف حاكم الولاية وكيف تصرف الرئيس، كلٌّ طبق الدستور والصلاحيات الممنوحة له، وحق المجتمع عليه.. وحدود الدور الذي يسمح للحاكم والمواطن بحرية الحركة، أيضًا دور جماعات الضغط والنفوذ، وهى هنا جمعية البنادق، أو اتحاد السلاح!.
أخيرًا، هناك فرق بين الشعور بالألم والشعور بالرعب.. الألم يجعلك تفكر وتتخذ القرارات أيضًا.. أما الرعب فإنه لا يجعلك تفكر، وقد تفقد عقلك وقت اتخاذ القرار.. المهم أنه لا توجد إجراءات استثنائية ولا طوارئ!.