بقلم - محمد أمين
فى الوقت الذى يكتب فيه بعض الكُتاب آراء تقلل من قيمة تحريك قضية ضد «نتفليكس» بسبب فيلم «كوين كليوباترا» بدعوى أنه لا يهم ما إن كانت سوداء أو شقراء، ولا يعتبر بعضهم هذا عدوانًا على الحضارة المصرية.
بل ربما يرى هؤلاء أنهم يشجعون على السياحة فى مصر، مازال الدكتور المستشار محمد خفاجى يقدم كل يوم جزءًا من دراسته حول القضية، واصفًا ما حدث بأنه جريمة ضد التاريخ، وحالة سطو حضارى على تاريخ مصر!.
ويؤكد الدكتور خفاجى «مسؤولية شبكة نتفليكس أمام القضاء الأمريكى بتعويض مصر عن تزييف تاريخها القديم للملكة كليوباترا.. دراسة فى ضوء المعايير الأمريكية المهنية والأخلاقية عن الأفلام الوثائقية».
خاصة أن الفيلم يتضمن مغالطات تاريخية فى تقديم فيلم وثائقى مزيف، ويشوه الحضارة المصرية، وهو الرأى الذى ذهب إليه عالِم الآثار المصرى زاهى حواس فى البداية، ولكن لا أدرى لماذا ألقى «حواس» بحجره، ثم مضى!.
الأمريكان أنفسهم بحثوا الموضوع من الناحية المهنية والأخلاقية، ودرسوا حدود دور صانعى الأفلام الوثائقية، وقام أستاذان من الجامعة الأمريكية بواشنطن بدراسة التحديات الأخلاقية لصناعة الأفلام الوثائقية، وانتهت الدراسة إلى شهادة منهما، قال خفاجى إنها شهادة من أهلها، حيث طالبا بضرورة توخى الحقائق دون زيف ومراعاة المعايير الأخلاقية.
واعترف صانعو الأفلام الوثائقية، الذين جرَت بشأنهم المقابلات، وليس من بينهم شبكة نتفليكس، على أنفسهم أنهم فنانون مبدعون يمثل السلوك الأخلاقى بالنسبة لهم جوهر عملهم الفنى!.
وأفاد صانعو الأفلام بأنهم يجدون أنفسهم بشكل روتينى فى مواقف يحتاجون فيها إلى موازنة المسؤوليات الأخلاقية، مقابل الاعتبارات العملية، وفيما يتعلق بالمشاهدين أكدوا «احترام ثقة المشاهد بعرض الحقائق دون تزييف».
وأكدت الدراسة أنه إزاء الشخصيات التاريخية فى الحضارات المختلفة يجب أن تتطور أى «مدونة أخلاقية وثائقية» لتتمتع بالمصداقية باحتوائها على مجموعة واسعة من الممارسات من فهم مشترك للقيم والمعايير والممارسات الإبداعية.
ويقول «خفاجى» إنه مهما واجه صانعو الأفلام الوثائقية ضغوطًا لتضخيم الدراما أو الصراع بين الشخصيات، فلا يجوز لهم إزاء الشخصيات التاريخية، التى أضافت رصيدًا للإنسانية فى تاريخ الحضارة، أن يقوموا بتغيير الحقيقة فى الصفات الجوهرية للشخصية أو تزييف الأحداث بما يُعرِّض الحضارة لطمس الهوية.
وقال إن هناك سوء نية من جانب الشبكة الدولية وخداعًا صريحًا، وبناء عليه يتحول العمل الإبداعى إلى عمل مُضلّل يزيف الحضارة المصرية بتزوير الحقائق العلمية عن ملكة مصر، بما يمس ثقة المشاهدين ونزاهة العمل!.
ويختتم هذا الجزء من دراسته بقوله إن تاريخ مصر القديمة ليس داخل متحف، وإنما هو فجر الضمير العام للإنسانية، وأمريكا انْكَوَت بنار الأخبار المزيفة منذ 125 عامًا مع إسبانيا!.