بقلم - محمد أمين
أعتقد أننا لو نجحنا فى الضغط على «نتفليكس» بسبب كليوباترا فاضطرت لإغلاق التعليقات على الإعلان فهذا أول نجاح، ولو توقفت عن النشر فسيكون نجاحًا مذهلًا ودليلًا على حيوية الرأى العام العالمى، وتأثيراته على المنصات الدولية.. فقد تلقت «نتفليكس» ردود فعل عربية ودولية رهيبة، تكشف حجم الغضب من تزوير التاريخ فى عمل وثائقى وليس عملًا فنيًا!
البعض هنا استخف بالنقد لأننا تربينا على عدم احترام النقد، والرأى الآخر، وعدم الاعتبار لتأثيره على أى عمل رسمى أو فنى.. بالمناسبة الانتقادات التى وصلت «نتفليكس» أكثرها كان نقدًا أجنبيًا لأنهم يعرفون كليوباترا، ويعرفون أنها مقدونية يونانية، وليست إفريقية ذات بشرة سوداء.. ومعناه أن الرأى العام العالمى سوف ينصرف عن المشاهدة، وهذه أول ضربة فى مقتل لصناع العمل!
ربما لم تسمع «نتفليكس» بحالة الغضب العربى، ولكنها سمعت وقرأت ردود أفعال الرأى العام الأمريكى والأوروبى، لأن كليوباترا ليست نكرة ولكنها معروفة، وتشويه تاريخ كليوباترا هو تشويه لتاريخ العالم، ومن هنا كان حجم الغضب وردود الأفعال!
على أى حال لدىَّ شعور بالسعادة أن الرسالة وصلت، وأن «نتفليكس» تقدر الرأى العام، وقد تصرفت على أساس ما وصلها من حجم الغضب فأغلقت التعليقات على الإعلان، ولا يعنى هذا أنها لن تذيع.. ولكن هذا يدل على أهمية الرأى الآخر!
ولابد أنهم فى «حيص بيص» الآن، هل يذيعون العمل أم يتوقفون عن إذاعته احترامًا للرأى العام العالمى؟!
لا أدعى أن المقال الذى كتبته كان وراء ما حدث، وإنما موقف «نتفليكس» كان بسبب تعليقات بالملايين هى التى أرسلت الإحساس بالمخاوف من إجراءات التقاضى، وقد تغير موقفها ومازال فى الوقت بقية حتى تجرى بعض التعديلات، وتعتبر هذا الضجيج جزءًا من الدعاية اللازمة لعمل كبير بحجم «كوين كليوباترا»!
لا أستبعد أن تجرى «نتفليكس» بعض التعديلات استجابة للرأى العام، فقد عرفنا من المخرجين العرب أنهم كانوا يغيرون بعض النهايات خشية على العمل ودور السينما ولخوفهم من المقاطعة.. وهو شىء وارد، خاصة أن هذه الأشياء أصبحت أسهل بكثير من زمان بمجرد ضغطة على الزر!
الفرق كبير بين العمل الوثائقى والعمل الفنى الذى يكون للخيال فيه دور كبير.. وبالتالى فإن ما تقدمه «نتفليكس» عمل فاشل قبل أن يُولد.. وهو ما يستدعى أن تتصرف قبل أسبوعين من طرح العمل للرأى العام، وهو وقت يسمح بهذا!
بالتأكيد هناك ارتباك وهناك خسائر سوف تتكبدها الشبكة، لأن هناك مسؤولية أمام الرأى العام.. أقلها الخسارة المادية البسيطة من أن تخسر سمعتها ومصداقيتها.. الحكاية ليست حرية رأى لأنها تحمل تزويرًا لحضارة عريقة.. وأكرر الفرق كبير بين حرية الرأى والتعبير والتزوير!.