بقلم - محمد أمين
تجربة المهندس محلب فى التعليم الفنى كان يمكن البناء عليها حتى تكتمل، فقد كان الرجل يؤمن بالفكرة فعلًا، وأنشأ لها وزارة كاملة فى حكومته.. ولكن تم إلغاء حقيبة التعليم الفنى فيما بعد، وانتهى الأمر.. منذ أيام، ناقش الحوار الوطنى ملف التعليم الفنى، وقالت نهال الأشقر، عضو المبادرة الرئاسية «ابدأ»، إننا نعانى وجود تشريعات تعرقل تطوير التعليم الفنى!.
وهو كلام يمكن الرد عليه بأن الحوار يمكن أن يحدد المعوقات، والحكومة تستطيع تقديم مشروع قانون للمجلس، ويتم التغلب على المعوقات، فالهدف كما تقول «الأشقر» هو توفير التدريب الفنى والمهنى والتثقيفى للعمالة المصرية وفقًا للمعايير الدولية!.
وكان فى إمكان وزير التعليم الفنى تحديد المعوقات وإبلاغ رئيس الوزراء وتفتيت المشكلات واحدة واحدة. صحيح أن الوزير لم يبقَ طويلًا فى وزارته، ولكننا الآن يمكن أن نفعلها ليكون التعليم الفنى حلًّا لمشكلات التعليم العام والجامعى.. بحيث يقبل الطلاب على التعليم الفنى بروح جديدة تدفع المجتمع للأمام، خاصة أنه سوف يلبى احتياجات سوق العمل فى السنوات القادمة، بما يقدمه من تخصصات ومهارات لازمة!.
المعضلة الكبرى كما أراها ويراها كثير من المهتمين هى ثقافة المجتمع تجاه التعليم الفنى، فلابد من تغيير ثقافة المجتمع وتحقيق الاستدامة من خلال تطوير مؤسسات التعليم الفنى كما قالت «الأشقر»!.
معلوم أن ثقافة الشارع تقلل من قيمة التعليم الفنى، وتزعم أنه دون المستوى، ولذلك قالت نهال الأشقر إن الإعلام عليه دور كبير يجب أن يتحمله.. وهذا المقال استجابة لطلبها الدعم، ولبنة فى تغيير الثقافة التى تطالب بها!.
رؤية «الأشقر» تقوم على تكامل الجهود وتضافرها للنهوض بالتعليم الفنى وربطه بسوق العمل بشكل حقيقى لسد الفجوة بين سوق العمل والأيدى العاملة وتغيير البُعد الاجتماعى والإعلامى والفنى والدرامى حيال الحاصلين على دبلومات فنية، وإلقاء الضوء على نماذج مؤثرة فى المجتمع!.
أتفق معها أن تغيير الثقافة مهم، ويظهر كلما ناقشنا أحد الموضوعات.. وكنت أتكلم فى هذه النقطة عندما تحدثت منذ أيام عن كليات الطب والهندسة دون غيرها!.
فليس كل طالب يمكن أن يكون طبيبًا أو مهندسًا.. ولابد من مساعدة الأبناء على اختيار المؤهل المناسب بالمناقشة العلمية، التى تراعى قدرات كل طالب على حدة.. هنا يمكن إقناع الطلاب باختيار التخصص المناسب أو اللجوء إلى التعليم الفنى.. كما أن اهتمام الوزارة بالتعليم العام والثانوية العامة أحد عوامل بناء الثقافة.. وكأنه لا تعليم إلا الثانوية العامة!.
يشرح أيمن الغزالى حرب هذه المشكلة، ويقول: هل سمعت عن مصطلح «الكارير شيفت»، أى تغيير المجال؟.. هذا المصطلح أصبح دارجًا فى المجتمع بشكل كبير، وأغلب الظن أن الأسباب تبدأ من البيت والأهل والثقافة المجتمعية، التى تلعب دورًا مهمًّا فى توعية الابن بالمستقبل العملى المناسب لقدراته الذهنية والعلمية!.
فالثانوية العامة ليست مقياسًا لقدرات الطلاب، ولا هى مُحدِّد لمستواهم أبدًا.. وكثيرًا ما التحق طلاب كثيرون بكليات قمة، ثم انتهى بهم الأمر إلى تغيير «الكارير» إلى مجال آخر، وكان بإمكانهم توفير الجهد والوقت والمصروفات!.