توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى صالون السعدنى (4- 4)

  مصر اليوم -

فى صالون السعدنى 4 4

بقلم - مصطفي الفقي

سوف تظل العلاقة بين محمود السعدنى والرئيس الراحل حسنى مبارك ملتبسة غير مفهومة، فقد استبشر السعدنى ورفاقه بقرار الإفراج عنهم بعد أيام قليلة من اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات وضبابية التحقيق على نحو يعكس شعورًا دفينًا بالظلم الذي تعرضوا له، ومازلت أتذكر الحوار الذي دار بين مبارك والسعدنى في ذلك اليوم كما رواه صاحبه، فقد بادر السعدنى مبارك قائلًا له: إنك أول رئيس لمصر تكون أصغر منى في العمر، فلقد كان عبدالناصر والسادات من مواليد 1918، بينما أنا من مواليد 1927، وأنت من مواليد 1928، أي أنك تصغرنى بعامٍ كامل، فداعبه مبارك قائلًا: إن هذا سبب وجيه لكى أتحدث بكل الاحترام لك وأجد مبررًا لذلك من فارق السن بيننا، وضحك بعد هذه الملاحظة، وفى لقاء آخر قال السعدنى لمبارك: ما أخبار الحزب السرى المسمى الحزب الوطنى، الذي لا وجود له، حتى إننى ظننت أن ذلك أمر متعمد بحيث لا يصبح الحزب معروفًا ويبقى سريًّا، في انتقاد لاذع من السعدنى لضعف الحزب الوطنى في ذلك الوقت، وقد فاجأ السعدنى الجميع بأن طلب من الرئيس إيقاف الحوار، والأمر بمشروبات، يتقدمها الشاى والقهوة، وكانت تلك براعة شديدة من السعدنى ليغير من مسار الحديث وينتقل إلى موضوع آخر، وفى لقاء ثنائى بينهما وقف السعدنى ليقوم بالتنظير أمام الرئيس مبارك، الذي لا يحب بطبيعته الخوض في القضايا النظرية أو التشبيهات الفلسفية، فقال السعدنى لمبارك: إنك تجلس على المقعد العظيم الذي جلس عليه قطز وصلاح الدين الأيوبى ومحمد على وجمال عبدالناصر، وكان يقصد بذلك تعظيم قيمة حاكم مصر في كل العصور، بينما استقبل مبارك الأمر من منظور آخر كما لو كان السعدنى يشيد بالمقعد والخامات المصنوعة منه وروعته وجماله، فقال له مبارك: إذا كنتَ معجبًا به إلى هذا الحد فتستطيع أن تأخذه معك وأنت خارج من هنا!،

وما أكثر النوادر التي جعلت السعدنى يسخر من كل ما حوله نتيجة إحساسه العميق بأن مكانته وتقدمه في العمر لن يعيداه إلى سنوات السجن مرة أخرى. إن محمود السعدنى أيقونة فريدة في حياتنا الأدبية والفكرية ونموذج خاص في مسيرتنا الثقافية والوطنية، فهو الكاتب الساخر متوهج الفكر المشتعل بالذكاء، وما أكثر ما قابلته في شوارع لندن هو والحاج إبراهيم نافع يجوبان منطقة الباركلين بملابس الفلاحين المصرية وغطاء الرأس الخاص بالقرية والعصا التي يتميز بها أولاد البلد، وأيقنت دائمًا أن الرحلة لم تكن سهلة وأن الطريق لم يكن قصيرًا، فلقد دفع السعدنى ضريبة الوطنية وضريبة الحرية وفوق هذا وذاك فإن السعدنى قد دفع ضريبة أخرى وهى ضريبة التشتت الأسرى من مصر إلى العراق ومن العراق إلى دولة الإمارات، ثم من الأخيرة إلى لندن وهو يحمل أعباء عائلية ثقيلة.. إنه محمود السعدنى الذي أسعد أمة ودفع شعبًا إلى الأمام وظل حارسًا للقيم، مدافعًا عن الحقوق، ابنًا بارًّا لمصر، يهوى كرة القدم، ويتابع أصوات القارئين العظام الذين نبغوا في تلاوة الذكر الحكيم وأصبحوا سلعة نادرة تتخاطفها قلوب المسلمين في كل مكان، فمازلت أتذكر يوم افتتاح النادى النهرى للصحفيين، بحضور رئيس الوزراء، عاطف صدقى، حيث رأيت الشيخ الطبلاوى يتلو القرآن في افتتاح الحفل، وسألت الحاج إبراهيم نافع، الذي كان يجلس بجوارى، كم دفع السعدنى للطبلاوى كى يحضر هذا الحفل؟، فقال لى: بل العكس صحيح، إن السعدنى لا يدفع لأحد، ولكنه يستقبل فقط التبرعات لهذه القلعة النيلية للصحفيين المصريين على الدوام.. رحم الله السعدنى والزمن الجميل الذي عاش فيه والبشر الطيبين الذين كانوا معه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى صالون السعدنى 4 4 فى صالون السعدنى 4 4



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon