توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحوار الوطنى .. الضرورة والتوقيت

  مصر اليوم -

الحوار الوطنى  الضرورة والتوقيت

بقلم - مصطفي الفقي

لا يختلف اثنان على أن الحياة السوية تقوم على منطق الحوار الذى يعتمد على (الديالوج) اختلافًا عن الأنظمة الفردية التى تركن للرأى الواحد بمفهوم (المونولوج) حيث لا يسمع فيها صانع القرار إلا بما يريد ولا يصل إليه إلى ما يشعره دائمًا بأن الأحوال سخاء رخاء ولا توجد مشكلات ولا أزمات، وقد أحسن الرئيس عبد الفتاح السيسى صنعًا عندما دعا فى حفل إفطار العائلة المصرية بنهاية شهر رمضان المبارك لهذا العام إلى حوارٍ بين القوى السياسية والأحزاب المتعددة والفئات المختلفة من خلال شرائح الأعمار فى التركيب السكانى للوصول إلى مستوى يليق بدولة عريقة مثل مصر، وفى ظنى أن أهمية هذه الدعوة تكمن فى أمرين أولهما الضرورة وثانيهما التوقيت، ولكن الأمر الذى لا نختلف عليه جميعًا هو أن الدعوة إلى الحوار تعنى انفراجة سياسية وانفتاحًا على القوى الموجودة ورغبة أكيدة فى تداول الرأى والرأى الآخر، وهى أمور افتقدتها دولٌ كثيرة فى مراحل تطورها خصوصًا بعض دول الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، أما عن الضرورة فمبررها أن الدول تدرك فى لحظات معينة حاجتها الماسة إلى تداول الآراء وتدوير الأفكار والاستماع إلى نصيحة الإمام الشافعى - رضى الله عنه - عندما قال (رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب) إن ذلك يعنى بالضرورة رفض احتكار الصواب ويفترض أن المواطنة الكاملة تعطى حقوقًا متساوية للجميع فى ظل مراكز قانونية معترفًا بها، وقد يقول قائل ولماذا الحوار إذا كانت البرلمانات قائمة والأحزاب موجودة؟ وهو قول مردود عليه لأن الحوار يفتح بابًا واسعًا لكافة القوى السياسية والتيارات السائدة حتى المهمشة منها والتى لم تتمتع بقدرٍ كافٍ من حرية الرأى ومساحة التعبير من خلال تمثيل نيابى محدود، ولا يقف الأمر عند ذلك إذ إن الضرورة تعنى أيضًا القراءة الهادئة للمشهد العام التى تستوجب إعادة النظر فى بعض القضايا وتمحيص عدد من المشكلات والتصدى لبعض الأزمات، وإذا كان البرلمان المصرى الحالى - وهذه شهادة حق - أفضل من سابقه فإن ذلك يعنى أن الطريق مفتوح أمام عجلة التطور وتوسيع دائرة المشاركة السياسية وفتح النوافذ أمام التيارات الجديدة, خصوصًا تلك المرتبطة بالأجيال الوافدة على أرض الوطن، فإذا كانت التجربة النيابية قد أحرزت بعض النجاح فى العامين الأخيرين فإن المنظومة الحزبية فى مجملها لا تبدو على المستوى الذى تنتظره دولة كمصر لديها حزب يمتد عمره لأكثر من مائة عام وأعنى به حزب الوفد على سبيل المثال، إذ أن الأحزاب الصغيرة التى تكاثرت على الساحة دون ترتيب واضح أو استئذانٍ شعبى قد تحولت هى الأخرى إلى مظاهرة عابرة لا تترك أثرًا على الساحة السياسية، ولذلك تفسيرٌ واضح مؤداه أن الدولة البرلمانية تحتاج إلى وجود منظومة حزبية قوية، بينما الدول التى لا تأخذ بالنظام البرلمانى لا تعتمد بالضرورة على تركيبة حزبية قوية وتكون النتيجة كما نراها فى كثير من البلاد حولنا، بل إن خاطرى يذهب بعيدًا إلى سنوات عملى فى الهند وكيف كان البرلمان بمجلسيه (الراجا صابها واللوك صابها) يمارس دورًا فاعلاً فى القرار السياسى قد يغنى عن الحوار المطلوب فى الفترات المفصلية فى تاريخ تلك الدولة، وإذا انتقلنا إلى البعد الثانى وأعنى به مسألة التوقيت فإذا سلمنا كما أسلفنا بضرورة الحوار فإنه يتعين علينا أن نتلمس طريقنا نحو العوامل المرتبطة بتوقيت ذلك الحوار, بدءًا من الظروف الاقتصادية الناجمة عن أسباب داخلية أوخارجية والتى أدت إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة الأسعار مع توقعات محتملة بندرة بعض السلع لأسباب ترتبط - على سبيل المثال - بتطورات الحرب الروسية الأوكرانية، وإذا كان الجانب الاقتصادى يأخذ زمام المبادرة فى الحوار الوطنى القادم فذلك أمر طبيعى لأن الشعوب لا تقتات شعارات سياسية أو نشرات حزبية, ولكنها تعيش على الحقائق المتصلة بالحياة اليومية، بل إن الحكومات تأتى وتسقط فى دول الديمقراطيات العريقة لأسباب تتصل بالأوضاع الداخلية والحالة الاقتصادية قبل غيرها وتلك حقيقة ندركها جيدًا من استقراء الأحداث وتفسير الوقائع، ولاشك أن قضايا التعليم والصحة والإسكان والمرافق إلى جانب القفزة الكبرى فى البنية الأساسية والخدمات الفئوية تؤكد هى الأخرى أن التوقيت لازم وأنه يعنى بالضرورة أن المريض يشعر بمرضه ويحسن تشخيصه له ويسعى للعلاج منه.

..أردنا من التركيز على مفهوم الضرورة ومسألة التوقيت فيما يتصل بموضوع الحوار السياسى الوطنى القادم أن نؤكد أن ذلك هو الحوار الجاد الذى يحرك المياه الراكدة ويلقى بحجر فى دوامة الحياة اليومية للمصريين، وليس من شك فى أن الحوار فى حد ذاته هو تعبير عن عودة الروح والرغبة الكاملة فى الشراكة السياسية واستلهام الرأى الآخر والاستماع إليه مهما يكن مصدره مادام يعمل فى وضح النهار تحت مظلة الوطنية المصريةالتى نعتبرها الركيزة الأولى لبرنامج النهضة الذى اعتمدته مصر مع وصول النظام الحالى إلى السلطة إلى جانب رغبة دفينة فى الإفصاح عن آراء متباينة، سواء جاء ذلك على المستوى المصرى المحلى أو العربى القومى، أو ماهو خارج ذلك كله، فلا وصاية على أجيال تتفتح مداركها، وتتبلور آراؤها، فى عصرٍ يبدو فيه كل شيءٍ متغيرًا، وتمضى أحداثه سراعًا على نحوٍ غير مسبوق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحوار الوطنى  الضرورة والتوقيت الحوار الوطنى  الضرورة والتوقيت



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon