توقيت القاهرة المحلي 01:24:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات (79).. الزحف نحو الثمانين

  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات 79 الزحف نحو الثمانين

بقلم: مصطفي الفقي

أطل الآن من شرفة العمر على ثمانين عامًا منذ مولدى، وأرى حياتى حافلة بالنجاحات والإخفاقات، بالانتصارات والانكسارات، بحشدٍ ضخم من الفرص الضائعة والتصرفات الخاطئة والضعف البشرى الذى جر علىَّ متاعب كثيرة فى رحلة العمر، وأتذكر عندما كنّا صغارًا أننا كنّا نقول عن شخصٍ ما إنه رجل كبير تجاوز عمره الأربعين عامًا، فإذا الكون قد دار دورته والكوكب سعى سعيه فى تجديد الحياة وتغيير الإطار الذى نحيا فيه.

وها هو عيد ميلادى الثمانين يأتى على صوت قصف الطائرات وفحيح الراجمات وطلقات الرصاص على الأجساد العارية والبطون الخاوية، إنه صراع الإنسان ضد أخيه مهما كانت الأسباب ومهما تعددت الدوافع، أتذكر اليوم أيضًا عندما جرى تعيينى دبلوماسيًا صغيرًا بالسفارة المصرية بلندن وشكوت ذات مساء لصديق عمرى الراحل شوقى أبوعلى الذى كان يتنقل بين لندن ونيويورك أسبوعيًا.

وقلت له إن ترتيبى على القائمة الدبلوماسية للبعثة المصرية متأخر بحكم درجتى الصغيرة ولا يتاح لى عقد لقاءاتٍ أو طلب مقابلاتٍ مع الدبلوماسيين البريطانيين أو الأجانب، لأنهم يفضلون الدرجة الأكبر باعتبارها مصدرًا متوقعًا للمعلومات والتحليلات والآراء، وكان صديقى شوقى شخصية أسطورية بحكم اتصالاته الدولية الواسعة وصداقاته الوثيقة مع عدد كبير من الشخصيات العالمية.

ورغم أننا خريجان من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية إلا أنه كان قد شق طريقه خارج مصر وحقق نجاحاتٍ واسعة فى المجالات الثقافية والفنية، وتكون لديه رصيد كبير من المعارف فى شتى المجالات، قال لى يومها: لا تثريب عليك، سوف أفتح لك نافذة فى الخارجية البريطانية، وتوهمت أنه سوف يعرفنى بأحد الدبلوماسيين الصغار فى وزارة الخارجية بلندن، فدعانى على العشاء مع شخصية وقورة لا أعرفها تبدو فى نهاية الخمسينيات من العمر، وقدمنى يومها باعتبارى طالب دكتوراه فى الجامعة وليس بدرجتى الدبلوماسية المتواضعة.

واكتشفت أن الذى يجلس معنا هو السير آنتونى بارسونز الذى كان سفيرًا لبريطانيا فى إيران ومندوبًا دائمًا لها فى الأمم المتحدة وهو دبلوماسى مرموق وشخصية كبيرة، كان السيد كمال رفعت سفير مصر فى لندن حينذاك يسعى للقائه فى مناسباتٍ مختلفة، وامتد الحديث بيننا نحن الثلاثة على العشاء فى أحد مطاعم حى ماى فير وسط العاصمة البريطانية، وخرجت من اللقاء لأكتب محضر المقابلة كما جرت الأعراف الدبلوماسية بذلك لرفعه للسفير المصرى فى لندن، وكان الدبلوماسى البريطانى الكبير يحدثنا بمنطق الصداقة التى لا علاقة لها بالعمل الرسمى.

وقد ذكر فى ذلك المساء أن إسرائيل كانت قد طلبت من بريطانيا بيع صفقة دبابات، وكنّا فى فترة حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية/ الإسرائيلية حينذاك، وحينما اطلع السفير كمال رفعت ونائبه اللامع محمود سمير أحمد على محضر المقابلة تصورا أن الدبلوماسى الصغير فى البعثة قد شطح بخياله وتوهم لقاءً لم يحدث، وعندما علمت بذلك ذهبت إلى نائب السفير د.سمير أحمد مؤكدًا له صحة اللقاء مع إصرارى على الاحتكام إلى المسؤولين عن العلاقات مع بريطانيا فى الخارجية المصرية، وتمَّ لى ذلك، وأشاد الدبلوماسيون الكبار فى ذلك الوقت بتلك المقابلة وصدق ما جاء فيها.

أقول ذلك وأكتبه الآن لكى أدلل على أن الدبلوماسية البريطانية كانت ولاتزال مخزنًا لمعلومات هامة عن الشرق الأوسط؛ لأنها تقف وراء كافة مشاكله منذ طرحت عبارة إن مصر يجب ألا تغرق ولا أن تطفو، فغرقها سقوط للمنطقة، كما أن تحليقها يسمح لها بالخروج عن حدودها لتوسعاتٍ إقليمية كما حدث فى عهدى محمد على وجمال عبدالناصر، إنهم أيضًا الإنجليز الذين قالوا إذا عطست مصر فإن ذلك معناه أن الشرق الأوسط مصابٌ بالإنفلونزا.. إن ثمانين عامًا تطل على ذاكرتى التى شحبت من كثرة الطرقات للأخبار سارة وحزينة.

وبالأفكار عميقة وسطحية، وبالرؤى بعيدة وقريبة، إن الزحف نحو الثمانين هو مناسبة للتركيز على تفصيل التجربة وشرح الغوامض وتربية الأجيال الجديدة الواثبة نحو سنوات الشباب!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 79 الزحف نحو الثمانين اعترافات ومراجعات 79 الزحف نحو الثمانين



GMT 21:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

لماذا نظرية التطور مهمة؟

GMT 20:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 20:29 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المؤثرون فى سوريا ومصالحهم

GMT 20:28 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

شراسة بلوزداد بعد مباراة القاهرة!

GMT 13:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

لماذا نظرية التطور مهمة؟

GMT 13:38 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

لماذا يتفوق العلم؟

GMT 13:35 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

لا تنسوا 420 مليونًا عند “الكردي”

GMT 08:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon