توقيت القاهرة المحلي 22:48:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات (48).. الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق

  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات 48 الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق

بقلم: مصطفي الفقي

تشدنى كثيرًا سِيَر علماء الدين من أصحاب الرأى المستقل والشجاعة فى الحق وإبداء الرأى مهما كانت الظروف، ولقد عاصرت الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخًا للأزهر وكنت أنا سكرتيرًا للرئيس الراحل مبارك للمعلومات، وأعجبنى كثيرًا ذلك الإمام الذى كان يحتفظ بوجهة نظره ويتمسك بها دون النظر إلى أى اعتبار آخر إلا مصلحة الإسلام والمسلمين من وجهة نظره.

وأتذكر جيدًا أنه قد وردت إلى مكتبى شكوى مجهولة التوقيع وتبدو منها رائحة الكيدية تقول: إن الإمام الأكبر يستخدم إحدى استراحات المعاهد الدينية فى منطقة المعادى كمقر للراحة أثناء العمل، ونقلت الأمر إلى الرئيس الراحل الذى قال لى إن الإمام الأكبر قد طلب موعدًا معه، وإنه سوف يلتقيه خلال أيام، وعلىّ فى هذه الحالة أن أعرض على الرئيس الرسالة التى وصلتنا والتى تفوح منها رائحة الكذب والافتراء.

وعندما جاء الشيخ إلى الرئيس استدعانى بعدها الرئيس الراحل وقال: إن الذين كتبوا عن الشيخ يجب أن يتقوا الله فهو عالم زاهد فقير يقيم فى الدور الرابع فى بيت قديم بدون مصعد ويسكن فيه منذ عشرات السنين ولا علاقة له بما كتبوا عنه وافتروا عليه، وأتذكر مرة أخرى أن الرئيس التقى الشيخ واستدعانى أثناء اللقاء الذى استمر ساعة أو بعض ساعة أكثر من سبع مرات ليكلفنى بنقل تعليمات جديدة تخص الأزهر الشريف والإمام الزاهد.

فمرة يقول لى أبلغ وزير التعليم بضرورة الرجوع إلى الأزهر لمراجعة مقررات الدراسات الدينية لتلاميذ المدارس لأن فيها حشوا ولغوا لا مبرر لهما، وفى الثانية يعطى توجيهًا لوزير الأوقاف بأن تخضع خطب الجمعة لمراجعة دينية بدلًا من الأخطاء التى يقع فيها خطباء المساجد ومغالاتهم فى ترهيب المصلين وهم أتباع دين الرحمة، وثالثة يطالب الشيخ فيها بضرورة عقد ندوات مشتركة بين التلاميذ المسلمين والمسيحيين عن وحدة التعاليم الأخلاقية وفضائل التسامح بين الأجيال الجديدة ومستقبلها الواعد.

ولقد كان الرئيس فى أعماقه يحترم الشيخ كثيرًا، ولقد أوفدنى إليه فى المشيخة ذات مرة أحمل للإمام رسالة شخصية شفوية يطلب فيها الرئيس إرجاء إصدار الأزهر لبيان عن الفن الهابط وتأثيره على الأخلاقيات وقال الرئيس يومها: إن وزير الإعلام يرى أن صدور مثل ذلك البيان المزمع سوف تكون له آثار سلبية على الإبداع الفنى عمومًا، وذهبت إلى الشيخ الذى كان يعرفنى معرفة جيدة واستمع إلى وجهة نظر الرئيس دون تعليق.

وفى نهاية الجلسة بعد أن استضافنى على فنجان قهوة وخرج مودعًا لى عند باب مكتبه قلت له: يا فضيلة الإمام هل اعتبر طلب الرئيس مقبولًا لديكم، فقال لى عبارة لا أنساها: الرئيس هو ولى الأمر له ما يراه ولكن الأزهر حارس الدعوة له أيضًا ما يراه! وسوف نصدر البيان لأن عليه إجماعًا من كبار العلماء، وعندما عدت إلى الرئيس وأبلغته برد الشيخ أبدى الرئيس الراحل إعجابًا شديدًا بشجاعة الإمام واستقلال رأيه وحرصه على مسار الدعوة الإسلامية من وجهة نظر الأزهر الشريف حتى وإن اختلفنا معها.

ولقد فاجأنى الإمام الراحل باتصال هاتفى ذات صباح فى شهر يناير عام 1995 وقال لى: علمت أن عقد قران ابنتكم الكبرى مستحق فى الحادى عشر من هذا الشهر، وأن المفتى الدكتور طنطاوى - رحمه الله- كان قد وعد بعقد القران، لكنه سافر فى مهمة وطنية دعوية مع القس صموئيل حبيب، رئيس الطائفة الإنجيلية، إلى الولايات المتحدة الأمريكية وقد طلب المفتى تأجيل عقد القران، وأنك كأب للعروس قد رفضت التأجيل.

ولذلك فأنا أعرض عليك أن يعقد قرانها شيخ الأزهر بنفسه احترامًا للموعد وحبًا فى أبيها- كما قال بالنص- وكنت وقتها قد تركت مؤسسة الرئاسة قبل ذلك بسنوات ثلاث، ولا حول لى ولا قوة ولا سلطة ولا سلطان، لكنها أخلاق ذلك العالم الزاهد الذى أتى إلى منزلى وعقد القران وأخذت له صورا مع العروسين جرى نشرها فى الصفحة الأخيرة بالأهرام فى اليوم التالى، فأكرمنى الشيخ بذلك إكرامًا كبيرًا لأنه لم يكن من عادته أن يعقد القران تاركًا ذلك لرجال الإفتاء وبعض علماء الأزهر، أما هو فإن إمام المسلمين لا يجد وقتًا لمثل هذه المجاملات.

لكنه فعلها فى حالة ابنتى وظلت دينًا فى عنقى لا أنساه أبدًا.. إن فى تاريخ الأزهر الشريف، بدءًا من الشيخ الخراشى وصولًا إلى الإمام الطيب، نماذج حملت لواء الإسلام عاليًا ودافعت عن الأزهر الشريف وروح التسامح التى نشرها الإسلام منذ دخوله أرض الكنانة وحفاوته بالأشقاء فى الوطن من أقباط مصر الذين يعتبرون قطعة غالية من نسيج الأمة.. رحم الله الشيخ وأكرم مثواه ونحن فى شهر تستجاب فيه الدعوات!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 48 الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق اعترافات ومراجعات 48 الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق



GMT 12:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 12:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 12:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 12:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 07:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 07:47 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 07:45 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 21:17 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

نتنياهو يصادق على "عمليات إضافية" في الضفة الغربية
  مصر اليوم - نتنياهو يصادق على عمليات إضافية في الضفة الغربية

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

مصر تتسلم مليار يورو تمويلا جديدا من الاتحاد الأوروبي

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 11:40 2024 الثلاثاء ,13 آب / أغسطس

نباتات ذات روائح مميزة يمكن زراعتها بالمنزل

GMT 08:12 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

السلطات السورية تفرج عن صحفي أردني بعد 5 أعوام من اعتقاله

GMT 17:48 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مفضلة لتنظيف غرفة النوم وتنظيمها

GMT 07:30 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عادل لاعب "الاتحاد" يتعرض لإصابة في القدم

GMT 23:07 2016 الأحد ,14 آب / أغسطس

طريقة عمل الملبن بالمكسرات

GMT 23:13 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مدينة الرقة السورية باتت خالية من داعش بشكل كامل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon