توقيت القاهرة المحلي 01:01:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات (48).. الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق

  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات 48 الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق

بقلم: مصطفي الفقي

تشدنى كثيرًا سِيَر علماء الدين من أصحاب الرأى المستقل والشجاعة فى الحق وإبداء الرأى مهما كانت الظروف، ولقد عاصرت الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخًا للأزهر وكنت أنا سكرتيرًا للرئيس الراحل مبارك للمعلومات، وأعجبنى كثيرًا ذلك الإمام الذى كان يحتفظ بوجهة نظره ويتمسك بها دون النظر إلى أى اعتبار آخر إلا مصلحة الإسلام والمسلمين من وجهة نظره.

وأتذكر جيدًا أنه قد وردت إلى مكتبى شكوى مجهولة التوقيع وتبدو منها رائحة الكيدية تقول: إن الإمام الأكبر يستخدم إحدى استراحات المعاهد الدينية فى منطقة المعادى كمقر للراحة أثناء العمل، ونقلت الأمر إلى الرئيس الراحل الذى قال لى إن الإمام الأكبر قد طلب موعدًا معه، وإنه سوف يلتقيه خلال أيام، وعلىّ فى هذه الحالة أن أعرض على الرئيس الرسالة التى وصلتنا والتى تفوح منها رائحة الكذب والافتراء.

وعندما جاء الشيخ إلى الرئيس استدعانى بعدها الرئيس الراحل وقال: إن الذين كتبوا عن الشيخ يجب أن يتقوا الله فهو عالم زاهد فقير يقيم فى الدور الرابع فى بيت قديم بدون مصعد ويسكن فيه منذ عشرات السنين ولا علاقة له بما كتبوا عنه وافتروا عليه، وأتذكر مرة أخرى أن الرئيس التقى الشيخ واستدعانى أثناء اللقاء الذى استمر ساعة أو بعض ساعة أكثر من سبع مرات ليكلفنى بنقل تعليمات جديدة تخص الأزهر الشريف والإمام الزاهد.

فمرة يقول لى أبلغ وزير التعليم بضرورة الرجوع إلى الأزهر لمراجعة مقررات الدراسات الدينية لتلاميذ المدارس لأن فيها حشوا ولغوا لا مبرر لهما، وفى الثانية يعطى توجيهًا لوزير الأوقاف بأن تخضع خطب الجمعة لمراجعة دينية بدلًا من الأخطاء التى يقع فيها خطباء المساجد ومغالاتهم فى ترهيب المصلين وهم أتباع دين الرحمة، وثالثة يطالب الشيخ فيها بضرورة عقد ندوات مشتركة بين التلاميذ المسلمين والمسيحيين عن وحدة التعاليم الأخلاقية وفضائل التسامح بين الأجيال الجديدة ومستقبلها الواعد.

ولقد كان الرئيس فى أعماقه يحترم الشيخ كثيرًا، ولقد أوفدنى إليه فى المشيخة ذات مرة أحمل للإمام رسالة شخصية شفوية يطلب فيها الرئيس إرجاء إصدار الأزهر لبيان عن الفن الهابط وتأثيره على الأخلاقيات وقال الرئيس يومها: إن وزير الإعلام يرى أن صدور مثل ذلك البيان المزمع سوف تكون له آثار سلبية على الإبداع الفنى عمومًا، وذهبت إلى الشيخ الذى كان يعرفنى معرفة جيدة واستمع إلى وجهة نظر الرئيس دون تعليق.

وفى نهاية الجلسة بعد أن استضافنى على فنجان قهوة وخرج مودعًا لى عند باب مكتبه قلت له: يا فضيلة الإمام هل اعتبر طلب الرئيس مقبولًا لديكم، فقال لى عبارة لا أنساها: الرئيس هو ولى الأمر له ما يراه ولكن الأزهر حارس الدعوة له أيضًا ما يراه! وسوف نصدر البيان لأن عليه إجماعًا من كبار العلماء، وعندما عدت إلى الرئيس وأبلغته برد الشيخ أبدى الرئيس الراحل إعجابًا شديدًا بشجاعة الإمام واستقلال رأيه وحرصه على مسار الدعوة الإسلامية من وجهة نظر الأزهر الشريف حتى وإن اختلفنا معها.

ولقد فاجأنى الإمام الراحل باتصال هاتفى ذات صباح فى شهر يناير عام 1995 وقال لى: علمت أن عقد قران ابنتكم الكبرى مستحق فى الحادى عشر من هذا الشهر، وأن المفتى الدكتور طنطاوى - رحمه الله- كان قد وعد بعقد القران، لكنه سافر فى مهمة وطنية دعوية مع القس صموئيل حبيب، رئيس الطائفة الإنجيلية، إلى الولايات المتحدة الأمريكية وقد طلب المفتى تأجيل عقد القران، وأنك كأب للعروس قد رفضت التأجيل.

ولذلك فأنا أعرض عليك أن يعقد قرانها شيخ الأزهر بنفسه احترامًا للموعد وحبًا فى أبيها- كما قال بالنص- وكنت وقتها قد تركت مؤسسة الرئاسة قبل ذلك بسنوات ثلاث، ولا حول لى ولا قوة ولا سلطة ولا سلطان، لكنها أخلاق ذلك العالم الزاهد الذى أتى إلى منزلى وعقد القران وأخذت له صورا مع العروسين جرى نشرها فى الصفحة الأخيرة بالأهرام فى اليوم التالى، فأكرمنى الشيخ بذلك إكرامًا كبيرًا لأنه لم يكن من عادته أن يعقد القران تاركًا ذلك لرجال الإفتاء وبعض علماء الأزهر، أما هو فإن إمام المسلمين لا يجد وقتًا لمثل هذه المجاملات.

لكنه فعلها فى حالة ابنتى وظلت دينًا فى عنقى لا أنساه أبدًا.. إن فى تاريخ الأزهر الشريف، بدءًا من الشيخ الخراشى وصولًا إلى الإمام الطيب، نماذج حملت لواء الإسلام عاليًا ودافعت عن الأزهر الشريف وروح التسامح التى نشرها الإسلام منذ دخوله أرض الكنانة وحفاوته بالأشقاء فى الوطن من أقباط مصر الذين يعتبرون قطعة غالية من نسيج الأمة.. رحم الله الشيخ وأكرم مثواه ونحن فى شهر تستجاب فيه الدعوات!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 48 الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق اعترافات ومراجعات 48 الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق



GMT 21:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

لماذا نظرية التطور مهمة؟

GMT 20:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 20:29 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

المؤثرون فى سوريا ومصالحهم

GMT 20:28 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

شراسة بلوزداد بعد مباراة القاهرة!

GMT 13:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

لماذا نظرية التطور مهمة؟

GMT 13:38 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

لماذا يتفوق العلم؟

GMT 13:35 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

لا تنسوا 420 مليونًا عند “الكردي”

GMT 08:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon