توقيت القاهرة المحلي 22:22:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى صالون السعدنى (1/4)

  مصر اليوم -

فى صالون السعدنى 14

بقلم - مصطفي الفقي

أمضيت بعض سنوات شبابى حريصًا على ملازمة الكاتب الراحل محمود السعدنى، مستمعًا إلى تحليلاته الساخرة ورؤيته العميقة لمشاهد متناثرة من حياته الثرية، وآمنت دائمًا أن لديه فلسفة من نوع خاص جعلته من أروع الحكائين الذين عرفتهم وأذكى المحدثين الذين استمعت إليهم، وقد ارتبط جزء كبير من تلك العلاقة بينى وبين ذلك الأستاذ الكبير بمدينة لندن، حيث كان عملى الدبلوماسى في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضى، وكان محمود السعدنى يعيش مرحلة النفى الاختيارى بعيدًا عن الوطن بعد اتهامه في القضية المسماة مراكز القوى في أعقاب حركة التصحيح التي قادها الرئيس الراحل أنور السادات، والذى كانت تربطه علاقة طويلة بالسعدنى وزكريا الحجاوى وغيرهما من المرتبطين بالشارع المصرى والمعبرين بصدق عن آدابه وثقافته وفنونه. وكان لقائى الأول بالأستاذ محمود السعدنى في بهو أحد فنادق لندن الكبرى عندما كنت على موعد لقاء مع الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين أسترشد بنصيحته حول موضوع أطروحتى للدكتوراة من جامعة لندن، التي اقترح علىّ وقتها أن تدور حول دور أقباط مصر في سياستها المعاصرة خصوصًا في أعقاب ثورة 1919،

وعندما دخلت على الأستاذ بهاء الدين وجدت إلى جانبه الأستاذ محمود السعدنى وعندما قدمنى إليه الأستاذ بهاء الدين بوظيفتى كسكرتير ثالث للسفارة المصرية حينذاك وجدت السعدنى يقول بلا مقدمات يا أستاذ بهاء لا بد أن هذا الشخص هو أحد جواسيس نظام السادات المنتشرين في لندن لرصد تحركات معارضيه، فأصابتنى دهشة أفزعتنى كثيرًا، ولكن الأستاذ بهاء تولى الرد بحسمٍ قائلًا: إن مصطفى أبعد ما يكون عن تصوراتك. ومنذ ذلك الحين أصبحت رفيقًا ملازمًا للأستاذ السعدنى في لندن كلما أتيحت لى الفرصة، ووقتها وفد إلى العاصمة البريطانية الأستاذ محمود أبووافية المحامى والبرلمانى وزوج شقيقة السيدة جيهان السادات- رحمهم الله جميعًا- ووجدت أن أبووافية لا يسأل إلا عن محمود السعدنى، وعندما التقيا في عاصمة الضباب كان الحوار الضاحك الذي ينبض بالسخرية من جانب السعدنى، وأبووافية يضحك من أعماقه في سعادة، ويأخذ الكاتب الساخر الفيلسوف المثقف بالأحضان ويلازمه فترة بقائه في لندن للعلاج الذي جاء من أجله، وأتيح لى من الحوار المتبادل بينهما والقصص التي يرويها كل طرف، أن أطلع على قدر كبير من خفايا السياسة والحكم في مصر في عصرى عبدالناصر والسادات، كما استمعت إلى رواياتٍ دقيقة من كواليس الحياة السياسية في ذلك العصر،

وقد قال لى الأستاذ بهاء الدين وقتها: إننى أعرف علاقتك بزميل دراستك، وهو واحد من وزراء دولة الإمارات وأقربهم إلى قلب الشيخ زايد رحمه الله، وأنا أتمنى عليك أن تجمعه بالأستاذ محمود السعدنى أثناء زيارته للندن لأنه يريد إصدار صحيفة عربية من العاصمة البريطانية، وبالفعل أخذت موعدًا مع ذلك المسؤول الإماراتى الكبير وجلسنا بجناحه بالفندق الكبير، وبدأ السعدنى يتحدث عن مشروعه للصحيفة المقترحة وتمويلها من دولة الإمارات الناشئة في ذلك الوقت، واشترط المسؤول الإماراتى على السعدنى ألا يهاجم السادات ولا الوضع في مصر ولا شاه إيران ولا الصراعات المكتومة في بلده، فضحك السعدنى في سخرية، وعندما سأله المسؤول الإماراتى الكبير عن اسم الصحيفة قال له: سوف أسميها (القافلة)، فسأله: لماذا هذا الاسم تحديدًا؟، فأجاب: لأنها سوف تصدر عددين وتقفل أبوابها!، تعبيرًا عن رفضه اشتراطات المسؤول الإماراتى الذي كان معروفًا بالهدوء والحكمة وحب مصر التي درس في جامعتها، ومن خلال تلك العلاقة الممتدة بالأستاذ السعدنى عبر السنين فإننى أريد أن أكتب عنه كما كتب الأستاذ أنيس منصور (فى صالون العقاد كانت لنا أيام)، ولا يعنى ذلك أننى أشبه نفسى بالأستاذ أنيس منصور ولا أشبه الأستاذ السعدنى بالأستاذ العقاد، ولكنها رغبة في توثيق تلك الصالونات الثقافية التي حملت الكثير من الفكر والمعرفة والطرائف النادرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى صالون السعدنى 14 فى صالون السعدنى 14



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon