توقيت القاهرة المحلي 14:32:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاستقطاب السياسي بالشرق الأوسط

  مصر اليوم -

الاستقطاب السياسي بالشرق الأوسط

بقلم - مصطفي الفقي

عرفت منطقة الشرق الأوسط منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها مخاضاً سياسياً من نوع مختلف، فتحركت الجيوش العربية في سلسلة انقلابات عسكرية وامتدت حركة التحرر الوطني لتشمل دولاً وإمارات في المنطقة العربية، حيث بدأ الاستعمار القديم بصورته التقليدية المتمثلة في قوات عسكرية بريطانية أو فرنسية أو حتى إيطالية يحمل عصاه على كاهله ويبدأ بالرحيل بفعل تطورات ذلك العصر والمفهوم الوافد لنظرية الفراغ في الشرق الأوسط وفق مبدأ أيزنهاور نسبة للرئيس الأميركي الراحل. عندئذٍ جرى استقطاب لا مبرر له، في ظني، بين الدول القريبة من الاتحاد السوفياتي حينذاك والدول التي تربطها علاقات وثيقة بالولايات المتحدة الأميركية في جانب آخر.

عندئذ بدأ الاستقطاب الدولي يفرض نفسه على المنطقة العربية في إطار الشرق الأوسط الكبير وفي ظل أجواء الحرب الباردة وتدفقت مع مر السنين أمواج كثيرة تحت الجسور ومجاري الأنهار والصراع العربي- الإسرائيلي يتعاظم في هذه الأثناء ويدخل مرحلة جديدة كانت أبرز محطاتها حرب 1956 وحرب 1967 وصولاً إلى حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وظهر الشرق الأوسط وكأنه بؤرة الصراع المحتدم في هذه المنطقة من العالم حتى تفتحت شهية بعض دول العالم للدخول من بعض بوابات الدول العربية، فبرزت الفتن والاضطرابات في كل دولة تقريباً، وعلى رغم أن بريطانيا وفرنسا كانتا تلملمان أوراق الاستعمار القديم للرحيل عن المنطقة، إلا أن إسرائيل استطاعت أن تبقى في الأحضان الأميركية بحيث تحولت واشنطن لكي تكون الراعي الأصلي لدولة إسرائيل بعد بريطانيا وفرنسا.

وأسهمت نكسة 1967 في تعزيز موقف إسرائيل وتقوية مكانتها عالمياً وإقليمياً وشهدت الأعوام التالية لتلك النكسة فترة صعبة على العالم العربي، خصوصاً على الدول التي احتُلت أراضيها وهي مصر وسوريا والأردن وربما لبنان أيضاً، وظهرت مرحلة حرب الاستنزاف التي أبلى فيها الجانب المصري بلاءً حسناً للخروج من عباءة النكسة، إذ أدى التضامن العربي غير المسبوق بقيادة الرئيس المصري الراحل أنور السادات وبدعم من العاهل السعودي الراحل الملك فيصل إلى تحقيق نصر أكتوبر، فعبرت القوات المصرية قناة السويس واجتازت خط بارليف الإسرائيلي.

أصبحنا أمام مشهد جديد دعا إلى بروز دور داهية الدبلوماسية الأميركية هنري كيسنجر الذي قال للسادات ذات مرة إن "المهزوم لا يملي شروطه. وعليك أن تقوم بحرب تحريك في الأقل لكي يبدو لكلماتك وقعها الطبيعي على الأطراف الأخرى".

وكان نصر أكتوبر النتيجة الطبيعية لهذا الشعور الذي تقمص العقل العربي ودفعه دفعاً نحو التعامل مع الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي السابق بصورة مختلفة، فطرد السادات الخبراء السوفيات من مصر، معلناً أن 99 في المئة من كروت حل الصراع العربي- الإسرائيلي أصبحت في يد الولايات المتحدة الأميركية، وبذلك تراجع الاستقطاب الدولي بين أنصار الاتحاد السوفياتي وأصحاب العلاقات القوية تقليدياً بالولايات المتحدة.

ووجدنا أنفسنا أمام مشهد مختلف رجحت فيه كفة الغرب على الشرق وتراجع المشروع القومي بصورة ملحوظة وتقدم المشروع الإسلامي الذي رعاه السادات في البداية من دون أن يعي نتائجه الخطرة، إذ تجذرت قوة جماعة الإخوان المسلمين وسيطرت إلى حد كبير على الشارع في عدد من الدول العربية، خصوصاً الدولة التي ولدت فيها الجماعة وهي مصر.

كان يمكن تقبل الأمور على هذا النحو إلى أن حدث أمر جلل بقيام الثورة الإسلامية في إيران وطرد الشاه وعودة الخميني لطهران، حيث جرى استقباله استقبال الفاتحين في تاريخ الدعوة الإسلامية، وقيل إنه ذكر لبعض مرافقيه في الطائرة التي أقلته من فرنسا إلى مطار ماهراباد أن العرب حكموا الأمة الإسلامية لقرون عدة، كما حكمها الأتراك العثمانيون لقرون أخرى، وجاء الأوان لكي يقود الفرس الأمة الإسلامية حالياً كما ردد أحد معاونيه من وزراء إيران منذ أعوام قليلة عندما سقطت صنعاء في أيدي الحوثيين، فغرّد ذلك المسؤول الإيراني أن العاصمة العربية الرابعة آلت إليهم بعد دمشق وبيروت وبغداد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستقطاب السياسي بالشرق الأوسط الاستقطاب السياسي بالشرق الأوسط



GMT 08:09 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

بديع المقرئين

GMT 08:07 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

كيف تميزت السعودية سياسياً؟

GMT 08:05 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

لبنان: برنامجا استكمال الهزيمة أو ضبطها

GMT 08:03 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

أوروبا والألسنة الحداد

GMT 08:00 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

الرياض عاصمة العالم... مرة أخرى

GMT 07:49 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

مصادر الطاقة والأمن القومي البريطاني

GMT 07:43 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

مقام الكرد

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:43 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

ياسمين صبري تزداد أناقة بإطلالات فخمة وراقية

GMT 21:09 2021 الجمعة ,23 إبريل / نيسان

"وحيد القرن" أصغر ثقب أسود قريب من الأرض

GMT 19:35 2021 الثلاثاء ,23 آذار/ مارس

بورصة بيروت تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 05:47 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

تعرف على رسالة ياسر فرج الأخيرة لزوجته قبل وفاتها

GMT 15:13 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أتلتيكو مدريد يصنع التاريخ بالأرقام في الدوري الإسباني

GMT 21:10 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

بايرن ميونخ أفضل فريق في 2020 ضمن جوائز "غلوب سوكر"

GMT 13:03 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

طبيب يكشف عن والد طفل عروس بنها في حال حملها

GMT 03:22 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ريم سامي تتألق في مهرجان الجونة السينمائي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon