توقيت القاهرة المحلي 18:19:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات (57).. اختطاف أكيلى لاورو

  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات 57 اختطاف أكيلى لاورو

بقلم - مصطفي الفقي

في بداية عملى في مؤسسة الرئاسة مطلع ثمانينيات القرن الماضى عاصرت أزمة حادة في العلاقات المصرية الأمريكية؛ إذ قامت مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين بقيادة أبوالعباس باختطاف سفينة أمريكية تحمل اسم «أكيلى لاورو» من عرض البحر المتوسط متجهة بها إلى الساحل الشمالى الشرقى لمصر، معلنة اختطافها ركاب هذه السفينة، بل وأقدم الخاطفون على جريمة لا تغتفر وهى إلقاء راكبٍ قعيد يجلس على كرسى متحرك في البحر ليلقى مصيره غرقًا!. وتعقبت السلطات الأمريكية الجناة وطالبت السلطات المصرية بالمساعدة في القبض عليهم، ورأى الرئيس الراحل مبارك أن مصر لا يجب أن تزج بنفسها في ذلك الحادث الطارئ لأنها لو اعتقلتهم للمحاكمة لديها فسيفتح ذلك موجات من الصدام مع المقاومة الفلسطينية.

وكانت مصر في ذلك الوقت في غنى عن تلك المواجهة المنتظرة، وإذا أخلت سبيلهم فستكون في مواجهة مع الطرف الآخر وهو الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

وقع ذلك الحادث الفريد من نوعه عام 1985 وجاء قرار القاهرة في النهاية بتسليم الجناة إلى قيادتهم الطبيعية؛ منظمة التحرير الفلسطينية في تونس، وأن «أبا عمار» كفيلٌ بمحاكمتهم وتوقيع العقوبات المناسبة عليهم، رغم الضغوط الأمريكية بضرورة تسليمهم لواشنطن لأن الجريمة اقترفت على ظهر السفينة الأمريكية وضد مواطن أمريكى عاجز، وأجرينا يومها اتصالات بالقيادة الفلسطينية عن طريق سفيرنا الراحل في تونس «محب السمرة» وبالفعل حلقت الطائرة المصرية بالجناة في طريقها إلى تونس ولكن الاتصال كان مرصودًا لدى أجهزة التنصت الأمريكية في عرض البحر الأبيض المتوسط؛ فاعترضت المقاتلات الأمريكية الطائرة المصرية وأجبرتها على تغيير مسارها نحو الأراضى الإيطالية، وبالفعل هبطت الطائرة في أحد المطارات القريبة من روما وجرى القبض على الجناة رغم الاحتجاج المصرى الذي وصل إلى حد الملاسنة بين الرئيسين مبارك وريجان، واستخدم الرئيس الأمريكى عبارة اتهم فيها الإدارة المصرية بالكذب، كما أن سفير واشنطن لدى القاهرة الذي كان في مدينة بورسعيد يتابع تطور احتجاز السفينة قد تلفظ بعبارة شائنة في حق الشعب المصرى، في إطار سورة غضبه لعدم تسليم الجناة للسلطات الأمريكية. وعند هبوط الطائرة فوق الأراضى الإيطالية كان السفير المصرى الراحل «يحيى رفعت» قد تلقى تعليمات بالتعامل القانونى الصحيح على اعتبار أن الطائرة المقلة لهم هي طائرة مصرية وأن القاهرة سلكت طريقًا صحيحًا بتسليم الجناة إلى قاضيهم الطبيعى.

ولعب الفنان الكبير «فاروق حسنى» الذي كان مديرًا لأكاديمية الفنون المصرية بروما دورًا فعالًا في تسكين وإعاشة ركاب الطائرة في ذلك الوقت، وأظن أن ذلك التصرف قد حسب عليه في انتخابات اليونيسكو عندما ترشح مديرًا له بعد ذلك بما يزيد على عشرين عامًا حيث وقفت الدبلوماسية الأمريكية ضده في اليومين الأخيرين وأطاحت به من المنصب الدولى على صوت واحد!.

وقد ألقت أزمة «أكيلى لاورو» وقتها بآثارها السلبية على العلاقات بين واشنطن والقاهرة إلى الحد الذي جعل الرئيس الراحل مبارك يمتنع عن إتمام الزيارة السنوية التي يقوم بها إلى واشنطن بشكل منتظم، فتغيب الرئيس المصرى عن العاصمة الأمريكية لعامين متتاليين بسبب الانتقادات الأمريكية التي كادت تعصف بالعلاقات بين الدولتين على نحو غير مسبوق، وبذلك أسدل الستار عن أزمة مصرية أمريكية ذات طابع خاص سوف تبقى في سجل الصعود والهبوط للعلاقات الاستراتيجية بين مصر وواشنطن، ومازالت تمثل نموذجًا للأزمات الطارئة في العلاقات الدولية والتى بدأت وانتهت تاركة رواسب من المرارة المتبادلة، رغم أن القاهرة تنظر إلى علاقتها بواشنطن على اعتبار أنها علاقات طويلة وعميقة يتعامل معها الطرفان بحساب دقيق. وهذه صفحة غائبة من ملف تلك العلاقات التي كنت شاهدًا عليها في مطلع سنوات عملى في مؤسسة الرئاسة المصرية، والتى أدركت معها أن مصر تدفع دائمًا فاتورة غيرها بحكم دورها المحورى ومكانتها الرائدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 57 اختطاف أكيلى لاورو اعترافات ومراجعات 57 اختطاف أكيلى لاورو



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon