توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هموم عربية

  مصر اليوم -

هموم عربية

بقلم - مصطفي الفقي

فى أوقات المحن الكبرى والأزمات الضاغطة لا بد أن يتجه تفكير الإنسان العربى إلى مصادر همومه مدركًا أن هناك فجوة حضارية - ليست بالمعنى الإيجابى - ولكنها بالقراءة الثقافية البحتة، فلو تأملنا صورة اجتماع مجلس الحرب الاسرائيلى وقرأنا لغة الوجوه لأدركنا أن الشر يكمن فى كل نظرة، وأن الكراهية تنبض مع كل فقرة، ونحن العرب لا ندرك الدلالات الحقيقية للفوارق الثقافية التى تنعكس على أنماط السلوك وطرائق التفكير وأساليب التعامل مع المشكلات، فالغربى بحكم احتكاكه الأكثر بالتقدم الصناعى وحضارة عصر النهضة ثم الثورة الإلكترونية يكاد يكون أكثر استعدادًا بالضرورة للتعامل مع ما يحيط به والدخول فى إطار المشكلات دون عواطف جياشة أو مشاعر متأججة بعكس الشرقى العربى الإفريقى المسلم أو المسيحى الذى يتعامل مع الأمور كما يراها وليس كما يتخيلها، فالخيال يعطى بعدًا طويلًا للقرارات ويسمح لأصحاب الإرادة بممارسة قوة الخيال التى تسمح باستشراف المستقبل وقراءة الواقع بطريقة سليمة، ولكى لا يكون الحديث غامضًا فإننا نبسط الحقائق الآتية:

أولًا: إن شحنات من الكراهية المترسبة بين ما هو شرقى وما هو غربى أو بين الجنوب والشمال مع ركام ضخم من التجارب السلبية التى تراكمت منذ العصور الوسطى تصنع جبلًا من المخاوف بين الجانبين، ويكفى أن نتأمل ابن غزة المناضل - ولكن المغلوب على أمره فى نفس الوقت - وهو يواجه الرصاص ويتصدى عاريًا جائعًا للحصار والانكسار وتشهد الأم مصرع رضيعها ويرى الأب دمار بيته والقضاء على أسرته، والغريب أن ذلك كله يأتى ممن يتشدقون بحقوق الإنسان وحضارة المواطن الأبيض وتتجلى الأفكار الطيبة لدى العربى المغلوب على أمره فى مواجهة ذلك الشرير الذى يسعى لإفنائه والقضاء عليه.

ثانيًا: إن الفجوة التكنولوجية قد مارست تأثيرها السلبى على الجانب العربى، فليس مهمًا أن يحوز ذلك العربى أرقى الشهادات الجامعية وأعلى المستويات العلمية إذ تبقى الطبيعة الثقافية متمركزة فى وجدانه لا تبرح عقله ولا تنصرف عن مفاهيمه، فهناك شىء ما يقبع بداخلنا قد نسميه نوعًا من التواكل والاعتماد على ميراث الأجيال التى تجعل التدين ملاذًا آمنًا لكل المأزومين وكأنما قسم الله الحياة، فالدنيا لهم والآخرة قد تكون لنا!.

ثالثًا: إن الله لا يغير ما بقوم ما لم يغيروا ما بأنفسهم لذلك فإن الداء يبدأ منا وينعكس علينا وتبدو الصورة فى النهاية كما لو كانت معزوفة غاضبة بلا رؤية واضحة أو تصور بعيد المدى.

رابعًا: ليس فى هذه الكلمات ما يدعو إلى اليأس أو يعزز الشعور بالإحباط ولكنها صفعات عقلانية يراد بها أن ندرك جميعًا أن أسلوب حياتنا يجب أن يتغير وطرائق تفكيرنا يجب أن تتنوع، إنها كالصفعات الرقيقة على وجنتى من خرج من الجراحة الطويلة ويراد إفاقته من تأثير المخدر، والمخدر هنا هو سنوات طويلة من الخرافات والبعد عن الواقع ومخاصمة الحقائق والتركيز على الأوهام والأحلام والعيش فى الماضى دون الحقائق المدعومة بالإحصائيات والأرقام.

خامسًا: إن بسالة المقاتل العربى وتضحيات الشهيد الفلسطينى تفوق مئات المرات نظيره على الجانب الآخر، ولكنه لا يحسن استغلال الوقت أو انتهاز الفرص ويظل دائمًا أسيرًا لفكر طوبائى يختلط فيه الدين بالسياسة كما تتداخل النظرة العاجلة بالفكرة الآجلة فتكون النتيجة صدامًا بين العاطفة والعقل وغشاوة تحجب الرؤية فى ظل ضباب كثيف من الأفكار القديمة والآراء المتعارضة.

سادسًا: إن المشاعر الدينية المتجذرة فى ذاكرة الشرقى أو العربى تختلف عن تناول الطقوس الدينية لدى الغربى، فالدين ليس متجذرًا فى أعماق الغربيين عمومًا ورغم أن الديانات السماوية جاءتهم من الشرق الأوسط إلا أنهم لم يعطوه القدر الكافى من التوقير والاحترام لمصادر شرائعهم ومنطلقات دياناتهم، ولقد شاهدت مؤخرًا فيلمًا تسجيليًا عن صلاة عيد الفصح بكنيسة القيامة فى فلسطين حيث لاحظت أن العقل العربى بدا لى معتدلًا متوازنًا وهو ذات الأمر الذى شاهدته فى ممارسات دينية إسلامية لفئات عمرية شابة بدأت تثور على الوازع التقليدى للأديان وتتجه إلى نزعة واقعية تحترم كتب السماء مباشرة بلا مزايدة وتحافظ على تعاليم الدين بلا مبالغة.

هذا طواف عابر برؤية ألحت على خاطرى رأيت أن أسجلها على الورق فى مشاغبة رقيقة مع القارئ خصوصًا وأن الذى يلح علينا جميعًا هو هاجس واحد يتلخص فى الإجابة على سؤال محدد نكرره دائمًا وهو: لماذا تقدموا هم وتخلفنا نحن؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هموم عربية هموم عربية



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon