توقيت القاهرة المحلي 18:39:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدول العربية وسطاء أم شركاء؟

  مصر اليوم -

الدول العربية وسطاء أم شركاء

بقلم - مصطفي الفقي

يبدو الموقف المصرى تحديدًا من أكثر المواقف العربية احتكاكًا بالقضية الفلسطينية إلى درجة التماس الحدودى سياسيًا وجغرافيًا حتى إن البعض يرى القضية الفلسطينية قضية مصرية أيضًا خاضت من أجلها الحروب الكبرى فى أعوام 1948 و1956 و1967 و1973، وظلت على عهدها فى التمسك بالثوابت المرتبطة بهذه القضية القومية الأولى لا تتراجع ولا تحيد، بل إن الرئيس الراحل أنور السادات فى مسعاه للسلام مع إسرائيل كان حريصًا على ألا يمس ثوابت القضية أو النيل من الحقوق الفلسطينية والعربية، وبعد توقيع اتفاقية السلام فى 26 مارس 1979 أصبحنا أمام مشهد مختلف، وفصل جديد للعلاقات المصرية الإسرائيلية، ولقد تصورنا حينذاك أن إلزام إسرائيل ببنود المعاهدة سوف ينعكس بالضرورة على علاقاتها بالشعب الفلسطينى الذى يقع تحت سيطرة الاحتلال وجيشه العدوانى، وأن أوضاع الفلسطينيين سوف تتحسن وتدرك إسرائيل مزايا السلام وتسعى إليه مع الجميع! ذلك أن السلام يفترض أن يكون السلام العميق الذى يمهد للتعايش المشترك، والقدرة على المضى فى طرقٍ واضحة تحت مظلة الشرعية الدولية والإيمان بالمستقبل الأفضل لشعوب المنطقة، ولكن الرياح جاءت بغير ما تشتهى السفن، وأصبحنا فى مرحلة من أقسى المراحل فى تاريخ الصراع الدامى الطويل فى الشرق الأوسط، وكلما تأزمت الأمور بين الفلسطينيين وحكومات إسرائيل أصبح من المتعين على مصر أن توظف معاهدة السلام مع إسرائيل وإمكانية التواصل مع كل الأطراف فى خدمة تهدئة الأوضاع وإطفاء الحرائق والمضى نحو تحسين أوضاع الشعب الفلسطينى المقهور داخل أرضه، والذى يناضل من أجل حريته كما لم يفعل شعبٌ آخر فى العالم، وقد أصبحت مصر بهذه الطريقة طرفًا ووسيطًا فى ذات الوقت، طرفًا بمنطق العروبة والحروب السابقة ووسيطًا بمفهوم المسئولية الدولية ومهام دولة الجوار، بل قد رأينا دولاً عربية أخرى وقع بعضها معاهدة سلام مع إسرائيل مثل الأردن، وأخرى طبعت العلاقات معها وفقًا لمبدأ السلام مقابل السلام وليس مقابل الأرض، فلم تكن أرضها محتلة مثلما هو الأمر مع دول الإمارات ومملكة البحرين والمملكة المغربية، وأصبح واضحًا للجميع أن كل الدول العربية متمسكة بثوابت القضية الفلسطينية، بلا تفريط ولا تراجع بل بمزيد من الإصرار على الحقوق الفلسطينية، والتمسك بقرارات الأمم المتحدة، خصوصًا أن العالم بأسره قد أصبح مؤخرًا شاهدًا فعليًا على جرائم إسرائيل فى حق الشعب الفلسطينى، بل جعل من الوسطاء العرب أطرافًا فى الصراع فى الوقت نفسه، فمصر التى تشارك بفاعلية شديدة فى مفاوضات وقف إطلاق النار ضد الشعب الفلسطينى فى غزة هى ذاتها التى انضمت إلى الادعاء ضد جرائم الحرب الإسرائيلية، وذلك أمام محكمة العدل الدولية، ونحن نظن أن كثيرًا من الدول العربية ذات التواصل مع إسرائيل أصبحت لها الصفتان معًا صفة الوسيط وصفة الشريك ورغم صعوبة التوازن بين المهمتين فإن مصر على سبيل المثال قد نجحت فى الاحتفاظ بهما بطريقة تحسد عليها وتلقت أكثر من مرة رسائل تقدير واحترام من الإدارات الأمريكية المتعاقبة التى أصبحت تحرص على عدم اتساع رقعة الحرب ودائرة الصراع فى الشرق الأوسط، رغم أن الكل يدرك جيدًا أن واشنطن هى الداعم الأول والسند الرئيس للحكومة العنصرية فى إسرائيل، وتمضى مصر فى طريقها بكل إمكاناتها للوصول إلى التسوية برغم المعاناة التى يشعر بها الشعب الفلسطينى الشقيق، وهو يدرك أن مصر هى السند القومى فى المحافل الدولية والمؤتمرات العالمية ومصدر الإغاثة فى الظروف الصعبة والأوقات العصيبة، إن ذلك يدعونا إلى إبداء ملاحظتين فى هذا الأمر:

الأولى: إن الدبلوماسية المصرية - وهى الأعرق فى المنطقة - ترفض بكل ما أوتيت من خبرة تاريخية محاولات التدليس الإسرائيلى، ونشر الأكاذيب لتشويه صورة النضال ودمغه ظلمًا وافتراءً بتهمة الإرهاب، ولقد نجحت مصر فى ذلك نجاحًا واضحًا يدركه الجميع بحيث أصبح الدور المصرى أساسيًا فى دعم الشعب الفلسطينى وكشف أكاذيب إسرائيل.

الثانية: إن العلاقات المفتوحة بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وجميع دول المنطقة تشير إلى مرونة دورها، واتساع نطاق تأثيرها على الأطراف الأخرى من أجل التهدئة، والتسوية وحماية الأمن والسلم الدوليين، فمصر توظف كل إمكاناتها الدبلوماسية، والعسكرية لخدمة قضايا المستقبل وتجاوز الظروف الضاغطة على الشعب الفلسطينى من كل اتجاه.

دعنا نوجه تحيةً للشخصية المصرية المتفردة والقادرة على استلهام روح الخلاص لشعوب المنطقة رغم كل محاولات الإساءة والتشويه والتطويق من جانب الأطراف المعادية لشرق أوسط مختلف يسوده السلام العادل، ويتحقق فيه للشعب الفلسطينى دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدول العربية وسطاء أم شركاء الدول العربية وسطاء أم شركاء



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 18:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر وإيران تبحثان تطورات الأوضاع في لبنان وغزة
  مصر اليوم - مصر وإيران تبحثان تطورات الأوضاع في لبنان وغزة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon