توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العرب واليونسكو

  مصر اليوم -

العرب واليونسكو

بقلم - مصطفي الفقي

بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها أدركت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الكبرى فى غرب أوروبا أن الأسباب الحقيقية وراء الحروب ليست سياسية فقط ولكنها أيضًا ذات طابع اقتصادى وثقافى، فخرج مشروع «مارشال» إلى النور بدعم الدول التى خرجت من الحرب العالمية الثانية منهكة أحيانًا، بل ومدمرة أحيانًا أخرى، واكتشف خبراء السياسة والدبلوماسيون الكبار أن من الأسباب التى تقف وراء الحروب الجهل المتبادل بين الثقافات الكبرى فى العالم المعاصر، وانعدام الثقة بين ورثة الحضارات الكبرى، فكان ميلاد منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) التى اتخذت من باريس عاصمة النور مقرًا لها، وجدير بالذكر أن القاهرة كانت مقرًا لثانى مكتب فى تاريخ تلك المنظمة، وبذلك أصبح لمصر الحضارة - كالمعتاد دائمًا - وضع خاص فى تلك المنظمة الوليدة، ولقد سعت الدول العربية وفى مقدمتها مصر إلى الحصول على منصب المدير العام عبر الدورات المتعاقبة لتلك المنظمة ذات الطابع الخاص والمعنية بالتعليم والثقافة وحماية الآثار والبحث فى الحضارات من أجل الوصول إلى عالم يحفل بالتعددية وتفيض من ساحته الآراء الجديدة والأفكار البناءة بل والاختراعات غير المسبوقة أيضًا، ولقد تقدم العرب بأكثر من مرشح لهذا المنصب الدولى الرفيع وفى المرة الأولى دخل السباق مرشحون عرب يتقدمهم الشاعر الوزير السعودى الراحل غازى القصيبى فى مواجهة مرشح عربى آخر كان هو الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية حينذاك، وقد التزم الرئيس الراحل مبارك أمام العاهل السعودى بألا ترشح مصر شخصًا بذاته بل تدعم المرشح السعودى، خصوصًا أن مشكلتنا الكبرى كانت دائمًا هى توحيد الصف العربى والاتفاق على مرشح واحد باسمنا جميعًا، إذ إن الانقسام العربى - العربى قد أضاع فرصًا كثيرة على العرب خصوصًا فى الترشيحات الدولية والإقليمية، ومازلت أتذكر الموقف الحرج الذى كانت تقفه مصر مع ابن بار من أبنائها هو الدكتور إسماعيل سراج الدين حيث حجبت عنه دعمها وتركته وحيدًا فى المعركة، وما زلت أتذكر أن وزيرة خارجية النمسا (بينيتا فيريرو) قد استدعتنى ذات يوم وقالت لى: هل إسماعيل سراج الدين هو مرشح مصر؟ فقرأت لها الرسالة التى تقول إنه مرشح مصرى، ولكنه ليس مرشح مصر التى التزمت أمام العاهل السعودى بألا ترشح منافسًا للشاعر الكبير غازى القصيبى، وكانت الوزيرة شديدة الدهشة ولا تستطيع تفهم الموقفين العربى والمصرى المتعارضين شكلا المتفقين موضوعًا، ثم رأت مصر فى سنوات تالية أن تتقدم بأفضل أبنائها فرشحت الوزير الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة المصرى لذلك المنصب الدولى الرفيع وجرى استقطاب هائل للحصول على أصوات الدول خصوصًا العربية والإفريقية، ولكن لم يتحقق التزام بعينه وفقد فاروق حسنى المنصب الذى كان يستحقه عن جدارة كفنان تشكيلى عالمى وصاحب مدرسة حديثة فى الفنون عمومًا، ولم يوفق فاروق حسنى بسبب الضغوط الأمريكية ضده وضغطها على الوفود الإفريقية بدعوى أنه قال ذات يوم عندما سئل عن إصدار كتب يهودية فى مصر أنها غير موجودة، وأنها إذا وجدت فسوف يحرقها، ولم يقل الرجل ذلك فضلا عن أنها ليست لغته ولا طريقة ذلك الفنان الكبير الذى يحترم الجميع ويحترمونه، ثم جاءت المرة الثالثة التى اقتحمت فيها مصر عرين الأسد وتقدمت بمصرية متميزة كانت سفيرة ناجحة ووزيرة متألقة قادت حملات اجتماعية وثقافية أثرت على المجتمع المصرى ونهضت به فى بعض القطاعات ولكنها لم تحز على المنصب إذ تقدمت فى الأيام الأخيرة قبيل التصويت وزيرة الثقافة الفرنسية وهى ابنة (أندرى أزولاي) المستشار اليهودى الأسبق للعاهل المغربى التى انتهزت فرصة الانقسام العربى بين مصر وقطر التى رشحت مرشحًا متميزًا أعرفه عن قرب أيضًا وأعنى به الدكتور حمد الكوارى السفير القطرى السابق فى واشنطن ونيويورك وباريس ووزير الثقافة فى بلاده وخريج كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وفازت الفرنسية المغربية بالمنصب دون مجهود كبير وفقدت السفيرة الوزيرة المصرية المنصب بعد سباقٍ متقارب تمامًا كادت تحوز فيه مصر ذلك المنصب الرفيع ولكن نتيجة الانقسام العربى أن فقدته كلٌ من مصر وقطر وانتزعته فرنسا دولة المقر، وها نحن الآن على أبواب انتخابات جديدة فى 2025 لاختيار مدير جديد لهذا المنصب الدولى الرفيع، الذى تستحقه مصر عن جدارة والذى رشحت له واحدًا من أفضل المرشحين الدوليين على الإطلاق لهذا المنصب وهو الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار المصرى لعدة سنوات وصاحب البصمات المضيئة على ذلك القطاع الحيوى الكبير، فضلا عن إجادته الكاملة الإنجليزية والفرنسية مع تميز ثقافى وفكرى واضح فى إطار المدرسة الفرانكفونية الدولية، ولحسن الحظ أن كلا من الجامعة العربية والاتحاد الإفريقى قررا أنه المرشح الوحيد للعرب والأفارقة، فضلا عن أنه يحظى باحترام فرنسى كبير قد يتحول إلى دعم مباشر لذلك المرشح المتميز الذى لا نظير له.. ونحن ندعو الجميع إلى الوقوف وراء تلك الشخصية التى تمثل الثقافة المصرية والعربية والإفريقية والإسلامية والبحر متوسطية وقادم للمنصب من بلاد الحضارات القديمة والتراث العربى الكبير.. مصر كنانة الله المحروسة دائمًا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرب واليونسكو العرب واليونسكو



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon