توقيت القاهرة المحلي 08:26:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العرب والمسألة اليهودية

  مصر اليوم -

العرب والمسألة اليهودية

بقلم - مصطفي الفقي

عندما أصدر (صبحى وحيده) كتابه الشهير عن (المسألة المصرية) تحاور الكثيرون حول تعبير (مسألة) باعتبارها تجميعًا إيجابيًا وسلبيًا لقضية واحدة فى تاريخ أوروبا منذ سقوط الأندلس، وهو ما يمكن أن نطلق عليه (المسألة اليهودية) إلى أن جاءت الحربان العالميتان الأولى والثانية لكى تلعب المسألة اليهودية دورًا محسوسًا على مسرح الأحداث حتى انعكست أيضًا على سير المعارك الحربية منذ أن طالب (هرتزل) ورفاقه من غلاة المتشددين اليهود بوطن قومى فى فلسطين بعد أن مرت المسألة اليهودية بسلسلة من المحاولات مع البلاط العثمانى تارة، وإدارة نابليون تارة أخرى، وحكم محمد على تارة ثالثة لإيجاد قناة اختراق تصلح أساسًا نظريًا لتبنى مسألة الوطن القومى اليهودى فى فلسطين بعد أن تأرجح الاختيار بين مناطق مختلفة كان من ضمنها أرض أوغندا فى إفريقيا وسيناء بامتدادها المصرى عبر الصحراء، وعندما هُزمت ألمانيا فى الحرب العالمية الأولى استقر فى ذهن الشعب الألمانى أن اليهود وراء تلك الهزيمة، وكانت تلك هى التربة الخصبة لنظرية العرق الآرى وميلاد الفكر النازى وظهور (الرايخ الثالث) الذى أدى إلى اشتعال الحرب العالمية الثانية والتى خرج منها اليهود بصكٍ دولى وشهادة أوروبية أنهم ضحايا أفران الغاز وشهداء (الهولوكوست)، وقد تفاعل ذلك مع وعد بلفور الصادر فى ٢ نوفمبر ١٩١٧ من وزير خارجية بريطانيا بإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين وبذلك ظهرت القضية الفلسطينية إلى الضوء، وبدأت ثورات الفلسطينيين ضد الوجود الصهيونى المدعوم من بريطانيا حتى بلغت ذروتها فى ثلاثينيات القرن الماضى، واحتدم الصراع، وبرزت زعامة المفتى أمين الحسينى الذى كان قريبًا من الدوائر الحاكمة فى برلين مدعومة من الدولة الألمانية فى صحوتها الجديدة، وشعر الأوروبيون ووراءهم الولايات المتحدة الأمريكية بل والقطاعات الشعبية من يهود شرق أوروبا أيضًا بأن الوقت قد حان إذ أصبحت المسألة اليهودية فى حاجة إلى من يدفع ثمنها حيث وقع الاختيار على المشرق العربى، خصوصًا بعد معاهدة (سايكس بيكو) وبداية الحديث عن خريطة جديدة للشرق الأدنى، واتفق الجميع فى صمت دفين على تصدير المسألة اليهودية إلى أرض فلسطين فى ظل حلم نظرى يتحدث عن دولة تجمع شتات اليهود من أنحاء العالم وتمتد من الفرات إلى النيل وبدأت سلسلة المواجهات الدامية تزداد إلى أن وقعت حرب ١٩٤٨ بين الجيوش العربية المتهالكة فى جانب والعصابات الصهيونية فى جانب آخر، وبلغ الأمر ذروته بصدور قرار التقسيم وإعلان قيام دولة إسرائيل التى بدأ فيها نزيف الدم الفلسطينى والعربى على امتداد ما يزيد على ٧٥ عامًا جرت فيها مواجهات عسكرية بين العرب وإسرائيل فى أعوام ١٩٥٦ و١٩٦٧ و١٩٧3 ناهيك عن المواجهات الدامية للانتفاضات الشعبية التى قاوم فيها الفلسطينيون ببسالة منقطعة النظير جيش الاحتلال المدعوم من الغرب، بدءًا من بريطانيا فى مرحلة الانتداب ثم فرنسا فى مرحلة المشروع النووى الإسرائيلى الذى كان شيمون بيريز أهم عرابيه حتى تلقفت الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الصهيونية، لكى تكون بديلاً عن الوجود البريطانى الفرنسى فى المنطقة، وتتحول إلى قاعدة عسكرية للنفوذ الأمريكى وحلفائه، ولذلك فإننا لا نفصل الأحداث الأخيرة التى جرت فى الأرض الفلسطينية المحتلة منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وبين تاريخ الصراع، وهو ما يثبت بوضوح أن المسألة اليهودية تضخمت، وأصبحت مُعضلة دولية تهدد السلم والأمن فى العالم المعاصر، والغريب أن ذلك يحدث فى وقت قبلت فيه شعوب عربية مفهوم التعايش المشترك مع إسرائيل بل والتطبيع معها شريطة الالتزام بالشرعية الدولية وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولكن الذى حدث يبدو مختلفًا تمامًا إذ إن شهوة التوسع ونزعة الانتقام وسياسات العنصرية الاستيطانية مازالت تترك بصماتها المدمرة على الأرض الفلسطينية وشعبها الذى عانى كما لم يعان شعبٌ مثله على امتداد ثلاثة أرباع قرن من الزمان.

إن مصر القائدة فى الحروب، الرائدة فى السلام تدعو إلى منظور جديد للقضية الفلسطينية يتجاوز الأحداث الدامية، ويفتح ملفًا جديدًا للحوار الدولى حول هذه القضية المزمنة التى عاقت مسيرة العرب، ودمرت حياة الفلسطينيين، وحرمت اليهود من نعمة التعايش المشترك مع جيرانهم، ولا يخالجنى شك فى أن حل الدولتين هو النافذة الوحيدة لاختراق الواقع نحو مستقبل أفضل لهذه المنطقة من العالم بدلًا من الأشلاء المتناثرة، وحمامات الدم المفزعة، ومجازر الأطفال التى ستظل فى ذاكرة الأجيال الجديدة لعقود طويلة.. إن التسوية السلمية هى الحل الوحيد ولا حل غيره!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرب والمسألة اليهودية العرب والمسألة اليهودية



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon