توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحرب على وكالة الغوث.. محنة «الأونروا»

  مصر اليوم -

الحرب على وكالة الغوث محنة «الأونروا»

بقلم - مصطفي الفقي

أشعر بحيرة وأنا أتابع مع الملايين غيرى ردود فعل أحداث غزة على كل الأصعدة، ففى الوقت الذى كان يتوقع فيه الأغلب الأعم من البشر أن يكون هناك سعى حثيث لتضميد جراح الشعب الفلسطينى وتهدئة روع أطفاله ونسائه بعد شهور من القصف المتواصل والقتل بدم بارد والإعدام فى الشوارع، نعم كان توقعنا هو أن يهرع المجتمع الدولى إلى إسكات صوت المدافع وضربات الصواريخ فى أجواء الأراضى الفلسطينية والدول المجاورة فإذا بنا نفاجأ بمحاولة إسرائيلية أمريكية مدعومة من دول تابعة للقوى المعادية للشعب الفلسطينى ونضاله الطويل تسعى لتوسيع دائرة الصراع وتستهدف منظمة الإغاثة التى تعمل منذ أكثر من خمسة وسبعين عامًا تحت اسم وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) قد أصبحت هى الضحية الأخيرة للشعب الفلسطينى على مذبح الطغيان الإسرائيلى الذى اتخذ من طوفان الأقصى مبررًا لكى يفعل ما يريد مثلما حدث من استغلالٍ ضخم لحادث ١١ سبتمبر ٢٠11، فمثلما كان ذلك مبررًا لقيام إدارة الرئيس جورج دبليو بوش بالعدوان على أفغانستان ثم العراق ودمغهما بخاتم الإرهاب فإن الذى يحدث الآن هو تطبيق مماثل بحيث يعاقب المجتمع الدولى الشعب الفلسطينى على خطيئته الكبرى عندما طالب بحق تقرير المصير ثم تجرأ وطالب بدولة فلسطينية مستقلة، إنها ذات الحلقة الشريرة المفرغة فى محاولة تطويع كل منها للآخر وما لم يحدث يمكن أن يتحقق فى المستقبل القريب. إننا نتطلع إلى نظرة عالمية مختلفة للقضية الفلسطينية بعد أحداث ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ وبغض النظر عن نتائج ما جرى إلا أن ذلك يبدو كصيحة إنذار أخير قبل انفجار المنطقة كلها بفعل تأثير القضية المزمنة التى التهمت فيها إسرائيل حقوق الشعب الفلسطينى ودأبت على التحرش اليومى بمن يمثلون ذلك الشعب ويطالبون بحقوقه، ولعل تجميد إسهامات عدد كبير من الدول المانحة للأونروا هى محاولة لتجويع الشعب الفلسطينى ومنع الغذاء والدواء عن الذين يعيشون فى العراء فى ظل أحوال جوية سيئة وظروف إنسانية متدهورة، إنه منطق معكوس وأسلوب يجافى الأعراف فى التاريخ البشرى كله وها هى إسرائيل تعربد فوق أرض غيرها وتغتصب كل يوم ما ليس لها، ولسوف يذكر التاريخ أن شعبًا مناضلًا باسلًا ظل يقاوم آلة الحرب الدامية بشجاعة منقطعة النظير، وعندما تصورنا أو توهمنا أن ما هو قادم سوف يكون تعويضًا عما مضى وأن المجتمع الدولى سوف يتكاتف لإعادة الحياة فى إقليم غزة بعدما تجرع شعبها الكأس المرة وجربت فيه إسرائيل أحدث الأسلحة الأمريكية وأطلقت ضده حربًا إعلامية مشبوهة لإجهاض قضيته وتحويل مفهوم الكفاح المسلح إلى مضمون مختلف يضع ذلك الشعب الأبى المناضل فى خانة الإرهاب إلا أنه فى الحقيقة هو الذى يعانى إرهاب الدولة العبرية على امتداد العقود الأخيرة، وبدلًا من تضميد جراحه ودفن شهدائه والبدء فى حركة إعمار واسعة لكى يبقى ذلك الشعب الأبى فوق أرضه فوجئنا بما هو مختلف تماماً، فإسرائيل تسعى إلى منع الرعاية الصحية والمشافى العلاجية والمدارس التعليمية ومصادر الغذاء والكساء أمام ذلك الشعب الذى يمر بأحلك الظروف وأصعب الأوقات حتى أتت الضربة فى منظمة (الأونروا) التى تعتبر العمود الفقرى للحياة اليومية لأبناء الضفة والقطاع وامتدادهم فى الأردن وسوريا ولبنان، وكأن إسرائيل تريد أن تطفئ كل المصابيح وأن تقضى نهائيًا على الشعب الفلسطينى لأنه تجرأ وطالب بحقوقه وتطبيق الشرعية الدولية وحقه فى إقامة وطنه المستقل وأرضه المحررة وعاصمتها القدس، ولقد عشنا وعاش جيلى كى نرى التدهور الذى طرأ على القضية الفلسطينية والظلم الذى يحيط بها ليجعل الأمل محدودًا فى ظل مجتمع دولى يفتقد لمعايير العدالة بل ويكيل بمكيالين ويطبق سياسة ازدواج المعايير بشكل فاضح لأن القوى الكبرى التى تقوده تؤمن بمنطق القوة ولا ترى ميزان العدالة من أى اتجاه.

إننى شخصيًا أشعر بأننا نعيش فى زمان مختلف وعالم يقترب فيه المشرق من طبيعة الغرب وكأن المنادى يقول: وداعًا للقيم الإنسانية، والعدالة القانونية، والشرعية الدولية، والإعمار المنتظر، والاستقرار المطلوب لكى يظل الحطام والتدمير والخراب يحيط بالمشهد الدولى كما لم نعرفه من قبل.. إن وكالة غوث اللاجئين كانت تعبيرًا إنسانيًا صادقًا عن محنة ذلك الشعب الذى سُلبت أرضه وتهدمت دياره وجرى تهجير عائلاته فى أعوام ١٩٤٨ و١٩٦٧ وما بعدهما من فترات قاسية مرت على ذلك الشعب الصلب صاحب الإرادة التى لا تضعف أبدًا، كما أن وجود الأونروا كان اعترافًا دوليًا بمأساة الشعب الفلسطينى واسمًا تتذكر به الإنسانية أوجاع ذلك الشعب الذى ضحى كثيرًا ولا يزال جسده ينزف دمًا من أجل التخلص من المعاناة القاسية التى مازالت تسببها له جرائم إسرائيل التى لا تتوقف، وإلى الذين صدعونا بالأحاديث المتكررة والملاحظات الدائمة عن قضايا حقوق الإنسان أقول لهم أين أنتم من مثل هذا القرار الآثم بتجميد أعمال الأونروا وهى الملاذ الأخير لذلك الشعب الذى يستحق كل أسباب الرعاية ومظاهر الاهتمام تكفيرًا عما جرى له، خصوصًا بعد أن أدركته مأساة غزة الأخيرة بكل ويلاتها وما تركته من معاناة وتشريد وظلم سوف يترسب فى ذاكرة الإنسانية وأجيالها القادمة لقرون مقبلة؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب على وكالة الغوث محنة «الأونروا» الحرب على وكالة الغوث محنة «الأونروا»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon