توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأزهر والقضية الفلسطينية

  مصر اليوم -

الأزهر والقضية الفلسطينية

بقلم - مصطفي الفقي

ظل الأزهر الشريف قلعة منيعة للدفاع عن الحريات والانتصار لقضايا الإنسان وتاريخه يشهد واضحًا أنه انحاز دائمًا للجانب العادل فى كل قضية، ودافع عن الإنسان المقهور فى كل مجال، وتعاطف مع المستضعفين من كل الشعوب والديانات ورفض دائمًا منطق القهر والعدوان وظلم الإنسان لأخيه الإنسان، والأزهر بالنسبة للمصريين هو الملاذ عبر العصور حتى إنهم يرددون دائمًا إذا احتدمت أزمة عبارة (يا خراشى) نسبة إلى واحد من أقدم شيوخ الأزهر، وهو الأزهر الشريف أيضًا الذى واجه مظالم العصر التركى والتسلط المملوكى وظل ملاذًا لكل من يلجأ إليه وتاريخ العلاقة بين الأزهر الشريف والقضية الفلسطينية ناصع البياض، فقد وقفت تلك القلعة الإسلامية المصرية إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين منذ البداية ونجحت فى تأكيد أن الصراع سياسى بشرى وليس دينيًا روحيًا على الإطلاق ولقد كان ذلك واضحًا فى أطروحة الدكتوراة للإمام الراحل شيخ الأزهر السابق الدكتور محمد سيد طنطاوى وكانت عن اليهود فى القرآن الكريم، فقد نأى الأزهر بنفسه عن التورط فى تعصب دينى أو الانغماس فى هوس عقائدى حول تلك المشكلة المعقدة وهى الصراع العربى الإسرائيلى، وحتى عندما تجاوب الأزهر مع قضية القدس وقدسية المسجد الأقصى فإنه فعل ذلك من منظور سياسى أيضًا على اعتبار أن القدس جزء من الضفة الغربية المحتلة وهى أرض فلسطينية لكل أهل الديانات على حد السواء لذلك فإن تعامل الأزهر الشريف مع القضية الفلسطينية كان دائمًا تعاملًا موضوعيًا من منظور سياسى.

وفى أحداث غزة الأخيرة ومأساة الشعب الفلسطينى الدامية المكللة بالأحزان والأوجاع والدموع وقف الأزهر الشريف خصوصًا إمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب موقفًا شد الانتباه ولفت الأنظار لأن الأزهر الشريف فى ظل شيخه - أستاذ الفلسفة الإسلامية - وعى جيدًا أبعاد المأساة من يومها الأول ودافع بقوة عن الشعب الفلسطينى المقهور رغم بسالة أبنائه التى لا نظير لها، وشجاعة مقاتليه التى تبدو وكأنها أسطورة نضال من أعماق التاريخ السحيق وملحمة جهاد من ضمير الإنسانية المعذبة فى مواجهة القوى العنصرية العدوانية الاستيطانية.

ولقد حرص الأزهر الشريف فى ظل شيوخه العظام على أن يكون ركيزة للشعب الفلسطينى وظهيرًا له ليس دينيًا فقط بل ثقافى وتعليمى أيضًا، فالجامعة الأزهرية فى غزة كانت ومازالت وسوف تظل منارة للهدى وحسمًا للحق ولحسن الحظ فإن الأزهر الشريف قد وسع دائرة انتشاره عالميًا وامتدت مظلته فى أركان الدنيا تدافع عن الحقوق وتحمى الحريات وترفض الضيم بل إن للأزهر الشريف - لمن لا يعرفون - مكانة فريدة وقيمة كبيرة لا فى العالم الإسلامى وحده بل وعلى الساحة الواسعة لأصحاب الديانات الكبرى سماوية أو أرضية، ولا شك فى أن انفتاح الأزهر الشريف فى السنوات الأخيرة على الثقافات والحضارات الأخرى هو أمر يستحق الثناء ويستوجب التقدير فلم يتوقف جهد الإمام الطيب ومعاونوه الأجلاء على العالم الإسلامى وحده، ولكنه اتجه إلى أرجاء العالم وأصقاع الدنيا ينشر العدل ويبشر بالحق ويدعو إلى السلام.

ولقد دعيت شخصيًا منذ أيام إلى ندوة سياسية فى كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة بحضور رئيس الجامعة وراعنى كثيرًا أن الدراسات الحديثة قد اندمجت مع الدراسات التقليدية، وأصبحنا أمام سبيكة متميزة من المعارف التراثية فى جانب والعصرية فى جانب آخر بحيث يمثلان معًا عمودًا فى تلك الجامعة العريقة التى حافظت على الإسلام واللغة العربية عبر القرون، ولا عجب فهو الأزهر السباق فى كل معارك الحق، وهو المدافع عن كل قضايا الضمير الإنسانى فى عمومه بل هو أيضًا الرائد فى ميدان العلم والمعرفة حتى إنه يقال إن توصيف كليات جامعة أوكسفورد البريطانية تم الوصول إليه من خلال نظام الأروقة فى الأزهر الشريف (نظام شيخ العمود) وفقاً للأئمة وأصحاب المذاهب وذوى الفضل من العلماء الذين يقودون سفينة المعرفة فى بحار متلاطمة من المظالم والجرائم فما أقسى ظلم الإنسان لأخيه الإنسان!

إن معارك غزة قد كشفت عن الجوانب المضيئة فى حياتنا وأوضحت أيضًا الجوانب المظلمة لدى خصومنا، وسوف يبقى الأزهر الشريف - جامعًا وجامعة وشيخًا - مصدر ضياء يقود إلى الحق، ويدعو إلى الخير، ويرفض الظلم ويلفظ العدوان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزهر والقضية الفلسطينية الأزهر والقضية الفلسطينية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon