توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوجاع الأمم وآلام الشعوب

  مصر اليوم -

أوجاع الأمم وآلام الشعوب

بقلم - مصطفي الفقي

كنت أرقب جماهير الشباب العراقى من مدينة البصرة وهم يهرولون نحو استاد كرة القدم الذى كان يستضيف بطولة الخليج 25 والتى غاب عنها العراق لأربعة عقود كاملة، وتأملت انفعالات الشباب وهم يتزاحمون فى اندفاع وقسوة أدت إلى وجود ضحايا من قتلى وجرحى، وذلك كان رد فعل للحرمان الطويل من تعاطى الفرح وممارسة البهجة، شهد العراق فى العقود الأخيرة آلامًا وأوجاعًا تفوق الخيال عندما عانت الدولة واختنق الاقتصاد، وأصبحت دعوتهم إلى الله أن يطعمهم من جوع، وأن يأمنهم من خوف، وليت ذلك الدعاء ينطلق من بلد فقير بل على العكس، فالعراق من أغنى شعوب الأرض وأكثر بلاد الدنيا وفرة بالنفط والمياه والأرض الزراعية الخصبة، إن كلمة العراق تعنى أرض السواد كتعبير عن الخصوبة ودليل على جودة الموارد ووفرة الميزات، نعم إن هناك من عبث بمصادر المياه فى بلاد النهرين، وكانت الحروب والمواجهات بل والحصار الاقتصادى مصدرًا للمعاناة الحقيقية لذلك الشعب العربى الذى أسهم إسهامًا ضخمًا فى الحضارة العربية الإسلامية وقبلها كان إسهامه الأكبر فى حضارات أقدم زمنًا وأطول عمرًا، ولولا سقوط بغداد فى أيدى المغول لتواصلت مكانته ودامت نهضته، إننى أكتب هذه السطور، لكى أوضح أن كثيرًا من شعوب الأرض عرفت المعاناة الطويلة، كما أن كثيرًا من الشعوب قد ذاقت الكأس المر فى حياتها عبر الزمن، لذلك فإننا حين نكتب عن أوجاع الأمم وآلام الشعوب الحقيقى الذى دام ولم يتوقف حيث دفعت تلك الشعوب الثمن غاليًا فى الحروب المتتالية ومصر ذاتها مثال على هذا، لأنها واجهت المغول والصليبيين والأتراك العثمانيين، وعندما تدلى جثمان (طومان باي) على باب زويلة مشنوقًا أمام الغزو التركى الذى قاده سليم الأول حيث وصلت إلى مصر قوات لا تفهم معنى الحضارة ولا منطوق التحرر، فكانت النتيجة أن مصر وشقيقاتها فى المنطقتين العربية والإفريقية أصبحوا يعيشون قرونًا مظلمة فى ظل الحكم العثمانى الذى كان يتسم بالأنانية وانعدام القدرة على تحضير الشعوب أو الاهتمام بالولايات العثمانية فى غرب آسيا أو شمال إفريقيا أو دول البلقان، وإذا كنا نتحدث عن أوجاع الأمم وآلام الشعوب فإن القضية الفلسطينية هى النموذج الأوضح لما نتحدث عنه إذ إن الجرائم التى ارتكبت ضد هذا الشعب الذى سُلبت حقوقه ووقع اختيار الغرب عليه لكى يكون ضحية للمسألة اليهودية بديلًا عن أصحابها الحقيقيين فى القارة الأوروبية، إن ذلك يدعونا إلى أن نكتشف أننا نعيش فى عالم مزدوج الشخصية يكيل بمكيالين ويطبق معايير مختلفة فى الحالة الواحدة، ولقد ناضل الفلسطينيون كما لم يفعل غيرهم ودفعوا واحدة من أغلى فواتير الدم فى التاريخ، ومع ذلك فإن حقوقهم ضائعة وآمالهم معدومة وحرياتهم مكبلة، ولقد رأيت آسيرًا فلسطينيًا يستقبل الحياة بعد أربعين عامًا من الحبس المتصل حتى خرج الرجل وهو لم يعرف من الدنيا إلا القليل، وذلك نموذج متكرر من سجناء الرأى فى العالم كله، إننا ننتمى إلى شعب قد لا تكون فيه الديمقراطية متقدمة ولكن البديل فى تلك الحالة هو اكتشاف حجم الرأى العام المصرى -على سبيل المثال- وتأثيره على المنطقة فهو ما زال يحتفظ بريادة الفكر وينطلق منه قادة الرأى، وربما كانت هذه النقطة تحديدًا هى التى تعطى للدولة المصرية نصيبها إقليميًا ودوليًا رغم أننا لا ننكر التراجع الذى أصاب الكنانة بسبب الزيادة الفلكية فى عدد السكان التى تلتهم كل عوائد التنمية، فالانفجار السكانى فى مصر هو الأب الأكبر لمعظم المشكلات التى تتمثل فى غياب التوازن بين الدخول والنفقات فتكون النتيجة سقوط البلاد فى دائرة شريرة لا نستطيع الفكاك منها أو كسر الإحكام الذى يكبلها ولو فى إحدى نقاطها، لذلك فإننا نظن صادقين بأن التعليم هو قاطرة التطور التى تشد الدول والمجتمعات إلى الأمام وتسمح بالوقوف بصلابة أمام التيارات الوافدة والتوجهات المفروضة.

إن ما نريد التحدث عنه اليوم هو رد فعل للمآسى الضخمة والحروب القاتلة التى شهد العالم مخاطرها ، بل إن كثيرًا من المحللين يرون أن استخدام الأسلحة النووية أصبح محتملًا بعد أن كان مستحيلًا، ويجب علينا أن نعلم بأن أوجاع الأمم وآلام الشعوب موزعة فى كل مكان ولم تبرأ دولة واحدة منها فى مراحل حياتها الطويلة من عقود تدهور بل وقرون تخلف أيضًا. دعنا نتطلع إلى عالم مختلف تتراجع فيه الحروب وتختفى منه الأوبئة ويتحمل إنسان العصر مسئولية وجوده حرًا كريمًا مهما ظهرت التحديات أو بلغت التناقضات أو تكاثفت الهموم والأوجاع.. إن الصراع هو سنة الحياة وناموس الوجود ولن يتوقف ذلك الصدام الذى بدأ من اقتتال قابيل وهابيل حتى يرث الله الأرض ومن عليها، إنها محنة الوجود ومأساة البشر فى كل عصر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوجاع الأمم وآلام الشعوب أوجاع الأمم وآلام الشعوب



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon