توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفيد فوزى ونادية عابد

  مصر اليوم -

مفيد فوزى ونادية عابد

بقلم - مصطفي الفقي

كان نصيرًا للمرأة وعاشقًا للحرية، قال كلمته دائمًا ثم مضى.. مفيد فوزى إلى رحاب ربه بعد حياة عريضة، عرف فيها كبار الأدباء وألمع الصحفيين وأشهر الفنانين، رحل ليترك فراغًا فى مساحة احتلها عبر العقود الستة الماضية، كان فيها ملء السمع والبصر وشغل الناس بأحاديثه الجريئة وعباراته الحادة واستغلاله الذكى لمساحة الحرية المتاحة فى كل العقود ودفع الثمن لذلك فى كثير من المناسبات، احتفى به المصريون والعرب دائمًا وكان نجمًا لامعًا فى سماء الأحداث التى شارك فيها أو شهد عليها، فهو المؤرخ الفنى الثقة للفنانين الكبار، بدءًا من أم كلثوم وفيروز، وصولًا إلى عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش، مرورًا بكل الرموز التى عبرت على مسرح السينما وصوت الراديو وصورة التليفزيون فى مصر والدول العربية التى كانت تستمد رحيق القوى الناعمة من الزهور اليانعة التى تنطلق من مصر، وكانت شجاعته فى إبداء الرأى أحيانًا أشبه بالصرخة فى وادى الصمت.

وهو الذى صك عبارات شهيرة تداولها المثقفون كثيرًا مثل حزب أعداء النجاح، وكلمة (البوح)، أى التعبير عن رأى مكتوم أو سر مجهول، وهو الذى كان يتصل بى لكى يقول إننا نريد أن نقر بالعامية المصرية للحديث والفضفضة والإحساس بما كان يسميه رحمه الله (الونس)، لقد وقف الراحل الكريم إلى جانبى فى كل الظروف الصعبة، فعندما تركت مؤسسة الرئاسة كان أول من زارنى وأتذكر أن قدمه تعثرت يومها فى طرف السجادة وأصيب إصابة خفيفة فى ركبته، ولكن حرصه على أداء الواجب كان أهم لديه من سلامته الجسدية، وكنت أناديه باسم حفيده، فأقول له: يا جد شريف، مع أن التسمية اللائقة هى (يا أبوحنان) تلك الكاتبة الصحفية والأديبة الواعدة التى انهمرت دموعها ونحن نعزيها على باب كنيسة المرعشلى لفراق أغلى الناس بعد أن رحلت والدتها الإذاعية اللامعة آمال العمدة التى كان يتذكرها مفيد دائمًا بعد رحيلها فى كل المناسبات، وهو الذى اقترح عليها ذات يوم التسمية الشهيرة لبرنامجها الإذاعى (صحبة وأنا معهم) نقلًا لفقرة من إحدى أغنيات كوكب الشرق، رغم أنه كان «فيروزيًا» أكثر منه «كلثوميًا» ولكنه كان يضع الجميع فى موضع التقدير والاحترام، ولقد احتشد عدد كبير من الكُتاب والصحفيين والقراء فى بهو الكنيسة يودّعون رمزًا مصريًا خالصًا وشخصية رحبة بكل المعايير.. نعم إن هناك من يختلفون معه فى الرأى ولا يفضلون بعض مواقفه ولكن تلك هى سُنة الحياة وفلسفة الوجود.

فالناس لم يجمعوا على رأى واحد على ظهر الكوكب، لقد كان مفيد فوزى هو ملك الحوار الذى يتسلل من خلاله إلى دخائل من يحاوره، ولقد كتب الراحل مفيد فوزى كتابًا رائعًا عن الأستاذ محمد حسنين هيكل، وطلب منى كتابة مقدمة ذلك الكتاب وقد فعلت، وعلق الأستاذ هيكل بعدها قائلًا إن مفيد ينقض على من يحاوره كالنسر الجسور الذى يهبط من السماء ليناقش أهل الأرض!. وقد احتفظ الأستاذ مفيد بصداقات كثيرة وكان يعترف بفضل مؤسسة روزاليوسف والأستاذ إحسان عبد القدوس خصوصًا، لذلك رأيت ابنه الأستاذ محمد عبدالقدوس يتصدر الحاضرين فى الكنيسة حبًا ووفاءً للرجل الذى عمل مع أبيه لسنوات خرج منها بصداقات كثيرة، بدًءا من الأستاذ أحمد بهاء الدين ومرورًا بمشاغباته مع الأستاذين محمود السعدنى ومنير عامر، وصولًا إلى العندليب والسندريلا اللذين كان مفيد فوزى كاتمًا لأسرارهما وشاهدًا على زيف الكثير مما كُتب عنهما، وقد كان إيمانه بالحرية غير محدود وحماسه للرأى الآخر واضحًا، وأذكر الآن دعوتى الأخيرة له لندوة إلى «بيت السنارى» مطلع عام 2022، فإذا به يستهل الندوة بكلمة لخصها فى تعبير جاد وحاد، قال فيه: (أحذر وطنى بشدة من الآثار السلبية للانفجار السكانى الذى نعيش فيه).

وأخيرًا هوى النجم، وترجل الفارس وترك صهوة جواده لأجيال قادمة، أدعو له بالرحمة.. وأعترف بأننى فقدت صديقًا عزيزًا بكل ما له وما عليه، وسوف تبقى كتاباته شاهدة على ذكائه وفطنته فى كل الظروف وكافة المناسبات، لقد كان مفيد فوزى نصيرًا للمرأة يسبر أغوارها ويعبر عن همومها حتى تقمص شخصية سيدة وهمية وكتب باسم مستعار هو نادية عابد لسنوات متواصلة، ليعبر عن أحلام حواء ومعاناتها والشعور بالقهر أحيانًا أمام سطوة المجتمع الذى تعيش فيه.. إن مفيد فوزى كان بحق نموذجًا فريدًا غادرنا ولن يعود!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفيد فوزى ونادية عابد مفيد فوزى ونادية عابد



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon