توقيت القاهرة المحلي 14:12:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المنظمات الثقافية العربية

  مصر اليوم -

المنظمات الثقافية العربية

بقلم - مصطفي الفقي

كنت عاكفًا في مكتبي ذات مساء بمؤسسة الرئاسة في انتظار أي تعليمات جديدة من الرئيس مبارك بخصوص إحدى الجولات الداخلية ثم فوجئت باتصال هاتفي من الرئيس يسألني: لماذا رشحنا أحد أساتذة الجامعة المصريين مديرًا لمنظمة الثقافة العربية والتي مقرها تونس العاصمة؟! فقلت له: يا سيادة الرئيس إن المرشح هو الوزير السابق الدكتور محمد صفي الدين أبو العز الأستاذ في قسم الجغرافيا بكلية الآداب والذي كان زميلًا قريبًا من الموسوعي مؤرخ الجغرافيا د.جمال حمدان، وهنا أبدى الرئيس اعتراضه قائلًا: إن المرشح ممتاز ولكنني ضد ترشيح شخصيات مصرية لمناصب عربية إذ يكفينا مقعد الأمين العام لجامعة الدول العربية ولا داعي للمزاحمة على كل منصب يخلو، ثم أضاف: ألا تعلم أن د.محمد حسن الزيات وزير الخارجية الأسبق وصهر د.طه حسين لم يوفق عندما رشحناه لهذا المنصب من سنوات! وقد طلب مني الرئيس سحب ترشيح الوزير المصري لصالح أحد أشقائنا العرب، أذكر ذلك الآن لكي أطرح بعض الملاحظات حول المناصب الكبيرة في المنظمات الثقافية العربية وأوجزها فيما يلي:

أولًا: عندما جرى طرح مشروع إنشاء جامعة الدول العربية في غضون انتهاء الحرب العالمية الثانية تحاورت المملكتان المصرية والسعودية حول المشروع العربي الذي جاء باقتراح بريطاني لعبت فيه وزارة الخارجية في لندن دورًا رئيسيًا لأسباب تتصل بمصالح الإمبراطورية البريطانية حينذاك وليس من أجل سواد عيون العرب بالطبع وكان (أنطوني إيدن) هو وزير الخارجية البريطانية وهو الذي أصبح فيما بعد أحد مجرمي حرب السويس، وواقع الأمر أن العاهل السعودي الملك عبد العزيز كان متحفظًا تجاه الاقتراح البريطاني ولكن الملك فاروق أقنعه بالقبول وقد اقترح الملك السعودي أن يكون عبد الرحمن باشا عزام السياسي المصري الذي تقترب عائلته تاريخيًا من العرش السعودي أمينًا عامًا وبذلك وضع تقليدًا أن يكون المنصب لدولة المقر وهو ما حدث أيضًا عندما انتقل مقر الجامعة إلى تونس فاختير الشاذلي القليبي التونسي أمينًا عامًا تكريسًا للقاعدة التي وضعها العاهل السعودي في منتصف أربعينيات القرن الماضي.

ثانيًا: نص ميثاق جامعة الدول العربية على أن يكون مقر الجامعة في مصر كما احتوى على ملحق واحد خاص بالخطر اليهودي في فلسطين مع إشارة إلى طبيعة وظيفة الأمين العام للجامعة والذي كان بدرجة وزير مفوض فقط وقتها، ولذلك فإن من حق مصر أن تتمسك بأن يكون المقر في القاهرة وفقًا للميثاق ولكن اختيار الأمين العام متروك للإرادة العربية في هذا الشأن وفقًا للظروف المختلفة .

ثالثًا: تحفل الساحة العربية بعدد من المنظمات ذات الطابع السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي إلى جانب مكاتب فنية تدور حول الموضوعات المختلفة مثل الطاقة النووية العربية والتنسيق بشأنها في مواجهة الترسانة الإسرائيلية في هذا السياق والمحاولات الإيرانية الرامية إلى اللحاق بركب الدول النووية الأخرى في المنطقة، ولعل أبرز هذه المنظمات إلى جانب مجلس الوحدة الاقتصادية العربية هي منظمة الثقافة العربية ومقرها تونس، ولا شك في أن تلك المنظمة هي واحدة من أخطر الأدوات لأن المشكلة في المنطقة ذات طابع ثقافي يتصل بسلوك الدول وطرائق تفكير الزعامات فيها، ونحن لا ننسى الاقتراح الذي تقدمت به شخصيًا منذ عامين على الأقل بأهمية أن تدعو جامعة الدول العربية لعقد مؤتمر قمة يدور حول الشئون الثقافية مثلما هو الأمر بالنسبة للقمم العربية الاقتصادية التي انعقدت من قبل، وقد رحبت كثير من الدوائر بذلك الأمر حتى إن قمة الجزائر في مطلع هذا القرن تبنت في أحد قراراتها دعمًا لهذا الاقتراح وتوصية به.

رابعًا: إن الملاحظ بكل حياد بالنسبة للمجالس العربية الإقليمية أن مجلس التعاون الخليجي هو أكثرها ثباتًا وتماسكًا بحكم استقرار النظم الحاكمة في عواصم دوله الأعضاء ولا نكاد نجادل في ذلك الشأن لأن ظروف دول الخليج أفضل بالتأكيد من غيرها خصوصًا من الناحية الاقتصادية إلى جانب الاستقرار السياسي الذي تتمتع به معظمها ولقد تمكن ذلك المجلس من الاستمرار بنجاح لما يزيد علي ثلاثة عقود، ولذلك نلاحظ أن معظم المنظمات والهيئات والمؤسسات العربية الإقليمية بدءًا من البرلمان العربي الذي تشرفت بأن أكون نائبًا لرئيسه عند إنشائه مرورًا بالمنظمات الثقافية والاقتصادية تقع تحت إدارات يقودها في الغالب شخصية خليجية لأن عدد أصوات الدول الخليجية إلى جانب بعض الدول التي تجري في فلكها لأسباب اقتصادية يجعل النصاب لصالحها ويحرم في الغالب دولًا أخرى من الوصول إلى المواقع المطروحة.

خامسًا: ليس من شك في أن مستقبل المنظمات العربية خصوصًا الثقافية منها هو أمر يحتاج إلى تفعيل لضخ الحيوية في تلك المنظمات وبعث روح التجديد والفهم المشترك للظروف المحيطة في العالم العربي ودوله من المحيط إلى الخليج خصوصًا تلك التي تواجه غزوًا ثقافيًا من خلال تيارات وافدة لا تبدو في معظمها بريئة أو حسنة النية أو خالصة لوجه الله والعروبة.

هذه نظرات عابرة حول هذا الموضوع الذي نراه مؤثرًا بشكل فاعل في طبيعة الحياة الثقافية العربية بل والسياسية أيضًا لأن العامل الثقافي قد أصبح هو العامل المؤثر في أوضاع وسياسات الدول في المناطق المختلفة من عالمنا المعاصر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المنظمات الثقافية العربية المنظمات الثقافية العربية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 14:12 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
  مصر اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي

GMT 05:00 2021 الأربعاء ,14 تموز / يوليو

تفريغ 964 طن حديد في ميناء غرب بورسعيد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon