توقيت القاهرة المحلي 11:26:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اليمن بحاجة إلى معجزة كونية !

  مصر اليوم -

اليمن بحاجة إلى معجزة كونية

بقلم: فيصل مكرم *

▪︎لم يسبق لليمن أن تعرضَ للانكسار وشعبه للهوان كما هو اليوم، فحين كان الظلم موجودًا كان هناك من يُقاوم، وحين كان الفساد مُتفشيًا كان ثمة من يكشف بواطنه ويُحارب صوره وأشكاله، وحين كان اليمن إلى زمن قريب يتعرض للأزمات -على كثرتها- كانت هناك أحزاب ورجال دولة ونخب مؤثرة ومؤسسات تتداعى لضبط إيقاعها وتتدارس في أسبابها وتتحاور فيما بينها حول كيفية تجاوزها، أو على الأقل ترحيلها إلى ظروف تكون أقل توترًا، وكان هناك هامش لحرية الصحافة مكّنها من كشف الفساد وفضح الفاسدين ونقد الأخطاء ونقل وجهات النظر المُتباينة والمُتقاطعة لعامة الناس، غير أن الصراع على السلطة والثروة والنفوذ أنهك الدولة اليمنية ليؤول مصيرها إلى ما هي عليه اليوم، حيث بات اليمن يُعاني من طعنات المُتصارعين الدامية على خاصرته، وبعد ثماني سنوات من الحرب والصراع والدمار بات اليمن يئن بأوجاعه، وبات أبناؤه يُصارعون الفقر ويُعانون من الفساد والبطش والتنكيل وغياب العدالة وتدهور وازدواجية التعليم بالإضافة إلى غياب الخدمات الأساسية، وبالتالي فإن هذا البلد الذي كان سعيدًا -ذات زمن لم نشهده- بحاجة إلى معجزة كونية لكي يعود المُتصارعون إلى رشدهم قبل فوات الأوان.

▪︎والحاصل أنه ليس ثمة مؤشرات على حلحلة الأزمة اليمنية رغم كل ما يُقال في أروقة الأمم المُتحدة على لسان المبعوث الخاص باليمن، وما يقال على شاشات الفضائيات ووسائل الإعلام من تصريحات لمسؤولين ودبلوماسيين -عرب وغربيين- عن تقدم (ملحوظ) لجهة التوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية وإنهاء الحرب وتخليص الشعب اليمني من تبعاتها وويلاتها ومآسيها، وكل ما نشهده اليوم هو أن الفرقاء اليمنيين يمضون ببلدهم مُسرعين نحو هاوية سحيقة وتفتيت سريع وحروب داخلية لا مفر منها -إن هم استمرؤوا نهجهم وأعلوا مصالحهم على مصالح وطنهم وشعبهم- في عدن مجلس رئاسي تحت رحمة مجلس انتقالي (انفصالي)، وفي صنعاء قائد وشعب ولا شيء دون ذلك أو قبله أو بعده وَفقًا لتصريحات مُعلنة لقيادي بارز في جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وفي العاصمة السعودية الرياض رئيس مجلس رئاسي بإقامة كاملة يزور بين الفينة والأخرى عاصمته المؤقتة عدن لبضعة أيام بشروط نائبه رئيس المجلس الانتقالي (الانفصالي) ويعبر مع الوفد المرافق بوابة المطار التي يُرفرف عليها علم انفصالي ولا وجود لعلم الدولة -التي يعتبر رئيسها- حتى على مبنى مسكن الضيف المؤقت ومكتبه.

▪︎المشهد العام في اليمن يتحدث عن نفسه، حكومتان في صنعاء وعدن، وثلاثة مجالس رئاسية بثلاثة رؤساء، وبرلمانان، ونظامان مصرفيان متضادان وعملتان، ومفاصل الدولة التي كانت قبل ٢٠١٤ هي اليوم مبعثرة ومطمورة تحت أنقاضها، وهناك جيشان وثلاثة وأربعة جيوش وربما أكثر موزعة على خريطة البلاد، وطرق مُغلقة ومدن مُحاصرة، ومعيشة ضنك، وبؤس بات منحوتًا على وجوه الناس كعلامة فارقة لزمن ما كان ينبغي أن يصبح اليمن وأبناؤه على ما هم عليه اليوم.
والمؤكد وفق كل المُعطيات والتطورات أن النخب وجماعات الحكم في اليمن ليست مُستعدةً لخوض أي مُفاوضات لإخراج البلد من حالة الحرب واللاحرب أو تقديم تنازلات حتمية لحلحلة الملفات المُعقدة تمهد لمرحلة جديدة من بناء الثقة المفقودة تمامًا بين أطراف الصراع التي تتشبث بمصالحها لتُبقي حال البلد على ما هو عليه، وبحيث لا يلوح في الأفق بصيص ضوء في آخر النفق يبعث أملًا بحدوث اختراق على جدار الأزمة، وكأني بهؤلاء القوم ممن استباحوا مُقدّرات البلد وحقوق أبنائه قد لبسوا نواميس الجهل والغي إلى أخمص أقدامهم فلا يكترثون لمصير وطن وشعب ما داموا في مواقع السلطة والثراء، يبغونها عِوجًا لتستقيم أحوالهم غير آبهين بالناس وأحوالهم، وسواء كانوا في صنعاء أو في عدن -أو مقيمين في الرياض- فهم لا يدركون مخاطر أن يصبح اليمن بلدًا منسيًا مُتخمًا بالحروب والمُنازعات الداخلية التي ستقضي على ما تبقى من أمل للنجاة بالبلد، ولا يهمهم صلاح الدولة ولا سمعة وطنهم ومصيره، ويُمارسون كل أشكال الفساد دون رقيب ولا حسيب.

▪︎وفي ضوء التطوّرات الدولية الراهنة والمُتغيّرات الإقليمية يتوجب على أطراف الصراع في اليمن عدم تفويت فرصة الأجواء الدولية المُتاحة الآن لطيّ مُنازعاتهم والتخلي عن تمترسهم وتلبية إرادة شعبهم في السلام والاستقرار والعيش الكريم وإعادة الأمن والأمان إلى بلدهم، فرب فرصة لا تُعوّض، ورب أمل متاح اليوم لن يتكررَ غدًا، ولا بد من نهاية لكل حرب وكل صراع، ويجب ألا تكون نهاية كارثية، فثمة نحو ٣٥ مليون يمني يستحقون حياةً كريمةً فوق تراب وطنهم، ومُستقبلًا أفضل يُشاركون في صياغته، ولا يخضعون لأهواء نخب وجماعات مارقة حوّلت وطنهم إلى حَلْبَة صراع على السلطة والثروة، الداخل فيها مفقود والخارج منها مُشوّه ومُلوّث، وكلاهما بلا وزن ولا قيمة.
* صحافي وكاتب يمني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليمن بحاجة إلى معجزة كونية اليمن بحاجة إلى معجزة كونية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon