توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خواطر مسافرة .. حتى لا يَرقُص الشياطين!!

  مصر اليوم -

خواطر مسافرة  حتى لا يَرقُص الشياطين

بقلم : فيصل مكرم *

▪الهدنةُ الراهنةُ في اليمنِ لم تُغيِّر شيئًا من واقع الحرب الكارثيَّة التي أكلت في سبعة أعوام الأخضرَ واليابس في هذا البلد الذي كان يطلق عليه قديمًا الأرض السعيدة أو اليمن السعيد، إذ باتت التعاسة أقلّ ما يوصف به حال اليمنيين وحال بلادهم، كما أنَّ هذه الهدنة – التي يبدو أنها ستتمدد متقطعة لأشهر قادمة طويلة – لم تغير شيئًا مما ألحقته حرب السنوات السبع من دمار بالبنى التحتية وفقدان اليمن أبسط مقومات الدولة بكيانها الجغرافي، ومؤسَّساتها التي كانت موجودة قبل الحرب، فالتنمية توقفت تمامًا وأصاب عجلتها العطب وتكسرت تروسها، وقطاع التعليم في حال تدمير ممنهج مستمر ودون توقف، وقطاع الصحة حدِّث ولا حرج، والأهم من كل ذلك أن هذه الهدنة الشهرية لم تفتح طريقًا ولم تَرد للموظفين رواتبهم المنقطعة منذ 2016، ولم تمنع المشاريع القذرة التي تهدف إلى تقسيم وتفتيت البلاد، ولم يلتقِ على هامشها أطرافُ الحرب والصراع على طاولة للمفاوضات التي ينبغي أن تؤدي إلى إنهاء الحرب وتوقف الهدن.

▪لا تزال الطرقات المؤدية إلى مدينة تعز مغلقة، كما أنَّ أهلها محاصرون وكأنهم من بلاد الواق واق وليسوا مواطنين يمنيين يحاصرهم يمنيون مثلهم ومن بني وطنهم وكثيرة هي الطرق الممنوع على اليمنيين عبورها أو العبور منها، ولم يعد ممكنًا لمواطن يمني أن يتنقل بين محافظات بلاده بحرية ويسر كما كان قبل سنوات الأزمة والحرب، فهناك حكومتان في صنعاء وعدن، ومعهما وبينهما ميليشيات وقوات مدججة بالسلاح ومعبَّأة بالعدوان على بني جِلدها وهي مسلحة بكل أنواع الأسلحة، ونقاط تفتيش ومَنع على امتداد الطرق الرئيسة بين المحافظات. الأوبئة في اليمن غير مرصودة ولا مُحاربة من قبل الجهات المختصة، البطالة وصلت إلى نسب قياسية غير مسبوقة، ومطارات البلد لا تعمل جميعها وأغلبها مغلقة، واليمن ليس فيه سفارات للدول ولا مصارف إقليمية ودولية، والمجاعة في ازدياد مطرد، ومؤسسات الدولة بلا مفاصل ولا هيبة ولا حماية من النهب والتجريف، وواردات البلد في علم الغيب، والجبايات أنشط من أي قطاع مالي في الاستحواذ والمصادرة، وراية الفساد باتت ترفرف في ربوع هذا البلد العربي أكثر من علم الدولة، وكما لا يمكنها أن تظهر في أي بلد آخر.

▪وكأني بالمحاربين يأخذون قيلولة قبل استئناف تنفيذ مخطط تدمير بلدهم، وإلا لما هذه الهدنة ولماذا تتجدد ولا يتحقق منها شيء مما يأمله اليمنيون ويرجون حدوثه، فالحياة باتت صعبة وخانقة في زمن الهدنة كما في زمن الحرب، وحتى المنظمات الأممية والإنسانية تحصل على المليارات تحت مسمى مساعدات إغاثية ولم يلمس منها المحتاجون ما يسد رمقهم، وهكذا أصبح اليمن غير سعيد وغير مستقر، ولا موحد، ويكاد يصبح بلدًا منسيًا بحروبه وبمنازعات أبنائه وأهواء نخبه السياسية التي هي من أوصله إلى هكذا حال يصعب تصنيفه ويصعب فك شفراته المعقدة، وهذه النخب غالبيتها تعيش في بحبوحة من العيش وفسحة من المال والإنفاق سواء في الداخل أو في الخارج فالممولون كثر ومصادر المال الحرام أكثر.

▪من هنا يمكن القول إنَّ ميول النخب اليمنية المستفيدة من الحرب إلى عقد الهدنة تلو الهدنة أهون عليها من توقف الحرب وتحقيق السلام، فمن شأنهما وقف تدفق المال وخفض النفوذ وتضييق الخناق على الفساد والنهب، وبالتالي يعتبرون الهدنة نصف حرب، وما دامت حربًا بكاملها أو بنصفها فلن ينغلق أمامها باب بنك أو مصرف أو باب سفارة أو باب جهاز مخابرات لا فرق المهم أن يكون الخروج من كل هذه الأبواب مُنعشًا ومُرضيًا ولا تغلق عنهم في قادم الأيام والسنين، والخوف كل الخوف على اليمن وشعبه أن تجر عليه الحروب ما فعلت بدول أخرى كانت قوية  وثرية ومُهابة إلى وقت قريب، وباتت اليوم تحت رحمة الطوائف والميليشيات والنخب الفاسدة والحكومات المتعددة الهُوية والانتماء، وشعبها فقير وماؤُها غور، وشياطينها يرقصون لهوًا على أطلالها، ونخشى أن يصبح شياطين اليمن وحدهم من يرقص على أطلالنا ومعاناتنا، ومصيرنا الميؤوس منه ثم نكتشف أن العازفين هم مِن النخب السياسية وشهود الزُّور ورفاق الباطل، ودعاة التفتيت والطائفية، وفِرق الضلال والنهب والفساد.

فيصل مكرم صحافي وكاتب يمني*

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خواطر مسافرة  حتى لا يَرقُص الشياطين خواطر مسافرة  حتى لا يَرقُص الشياطين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon