توقيت القاهرة المحلي 05:53:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خواطر مسافرة .. حتى لا يَرقُص الشياطين!!

  مصر اليوم -

خواطر مسافرة  حتى لا يَرقُص الشياطين

بقلم : فيصل مكرم *

▪الهدنةُ الراهنةُ في اليمنِ لم تُغيِّر شيئًا من واقع الحرب الكارثيَّة التي أكلت في سبعة أعوام الأخضرَ واليابس في هذا البلد الذي كان يطلق عليه قديمًا الأرض السعيدة أو اليمن السعيد، إذ باتت التعاسة أقلّ ما يوصف به حال اليمنيين وحال بلادهم، كما أنَّ هذه الهدنة – التي يبدو أنها ستتمدد متقطعة لأشهر قادمة طويلة – لم تغير شيئًا مما ألحقته حرب السنوات السبع من دمار بالبنى التحتية وفقدان اليمن أبسط مقومات الدولة بكيانها الجغرافي، ومؤسَّساتها التي كانت موجودة قبل الحرب، فالتنمية توقفت تمامًا وأصاب عجلتها العطب وتكسرت تروسها، وقطاع التعليم في حال تدمير ممنهج مستمر ودون توقف، وقطاع الصحة حدِّث ولا حرج، والأهم من كل ذلك أن هذه الهدنة الشهرية لم تفتح طريقًا ولم تَرد للموظفين رواتبهم المنقطعة منذ 2016، ولم تمنع المشاريع القذرة التي تهدف إلى تقسيم وتفتيت البلاد، ولم يلتقِ على هامشها أطرافُ الحرب والصراع على طاولة للمفاوضات التي ينبغي أن تؤدي إلى إنهاء الحرب وتوقف الهدن.

▪لا تزال الطرقات المؤدية إلى مدينة تعز مغلقة، كما أنَّ أهلها محاصرون وكأنهم من بلاد الواق واق وليسوا مواطنين يمنيين يحاصرهم يمنيون مثلهم ومن بني وطنهم وكثيرة هي الطرق الممنوع على اليمنيين عبورها أو العبور منها، ولم يعد ممكنًا لمواطن يمني أن يتنقل بين محافظات بلاده بحرية ويسر كما كان قبل سنوات الأزمة والحرب، فهناك حكومتان في صنعاء وعدن، ومعهما وبينهما ميليشيات وقوات مدججة بالسلاح ومعبَّأة بالعدوان على بني جِلدها وهي مسلحة بكل أنواع الأسلحة، ونقاط تفتيش ومَنع على امتداد الطرق الرئيسة بين المحافظات. الأوبئة في اليمن غير مرصودة ولا مُحاربة من قبل الجهات المختصة، البطالة وصلت إلى نسب قياسية غير مسبوقة، ومطارات البلد لا تعمل جميعها وأغلبها مغلقة، واليمن ليس فيه سفارات للدول ولا مصارف إقليمية ودولية، والمجاعة في ازدياد مطرد، ومؤسسات الدولة بلا مفاصل ولا هيبة ولا حماية من النهب والتجريف، وواردات البلد في علم الغيب، والجبايات أنشط من أي قطاع مالي في الاستحواذ والمصادرة، وراية الفساد باتت ترفرف في ربوع هذا البلد العربي أكثر من علم الدولة، وكما لا يمكنها أن تظهر في أي بلد آخر.

▪وكأني بالمحاربين يأخذون قيلولة قبل استئناف تنفيذ مخطط تدمير بلدهم، وإلا لما هذه الهدنة ولماذا تتجدد ولا يتحقق منها شيء مما يأمله اليمنيون ويرجون حدوثه، فالحياة باتت صعبة وخانقة في زمن الهدنة كما في زمن الحرب، وحتى المنظمات الأممية والإنسانية تحصل على المليارات تحت مسمى مساعدات إغاثية ولم يلمس منها المحتاجون ما يسد رمقهم، وهكذا أصبح اليمن غير سعيد وغير مستقر، ولا موحد، ويكاد يصبح بلدًا منسيًا بحروبه وبمنازعات أبنائه وأهواء نخبه السياسية التي هي من أوصله إلى هكذا حال يصعب تصنيفه ويصعب فك شفراته المعقدة، وهذه النخب غالبيتها تعيش في بحبوحة من العيش وفسحة من المال والإنفاق سواء في الداخل أو في الخارج فالممولون كثر ومصادر المال الحرام أكثر.

▪من هنا يمكن القول إنَّ ميول النخب اليمنية المستفيدة من الحرب إلى عقد الهدنة تلو الهدنة أهون عليها من توقف الحرب وتحقيق السلام، فمن شأنهما وقف تدفق المال وخفض النفوذ وتضييق الخناق على الفساد والنهب، وبالتالي يعتبرون الهدنة نصف حرب، وما دامت حربًا بكاملها أو بنصفها فلن ينغلق أمامها باب بنك أو مصرف أو باب سفارة أو باب جهاز مخابرات لا فرق المهم أن يكون الخروج من كل هذه الأبواب مُنعشًا ومُرضيًا ولا تغلق عنهم في قادم الأيام والسنين، والخوف كل الخوف على اليمن وشعبه أن تجر عليه الحروب ما فعلت بدول أخرى كانت قوية  وثرية ومُهابة إلى وقت قريب، وباتت اليوم تحت رحمة الطوائف والميليشيات والنخب الفاسدة والحكومات المتعددة الهُوية والانتماء، وشعبها فقير وماؤُها غور، وشياطينها يرقصون لهوًا على أطلالها، ونخشى أن يصبح شياطين اليمن وحدهم من يرقص على أطلالنا ومعاناتنا، ومصيرنا الميؤوس منه ثم نكتشف أن العازفين هم مِن النخب السياسية وشهود الزُّور ورفاق الباطل، ودعاة التفتيت والطائفية، وفِرق الضلال والنهب والفساد.

فيصل مكرم صحافي وكاتب يمني*

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خواطر مسافرة  حتى لا يَرقُص الشياطين خواطر مسافرة  حتى لا يَرقُص الشياطين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon