توقيت القاهرة المحلي 05:21:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شظايا حرب أوكرانيا !!

  مصر اليوم -

شظايا حرب أوكرانيا

بقلم - فيصل مكرم

صقيعُ أوروبَّا هذا الشَّتاء قارسٌ ويصيب من حولها بصقيع مثله.. هي الحروب إذا لم تتوقف في مهدها توسعت لتتناثر شظاياها فتصيب من حولَها بشيء من لهيبها وحُمم نيرانها، والحرب الروسية في أوكرانيا باتت كفوهة بركان يهدد القارة العجوز بفصول قاسية في قادم السنوات، وإذا ما اتسعت رقعةُ الحرب فسوف تهدد استقرار العالم وأمن البشرية، ومثلما هي أوروبا على موعد مع صقيع شتاء هذا العام يعيدها -وأعني هنا دول الاتحاد الأوروبي- إلى عصور التدفئة بالحطب والفحم، فإن كل دول الكوكب ستخضع لإجراءات صارمة وغير مسبوقة تفرضها على مواطنيها ومصانعها ومدنها لترشيد استهلاك الغاز والطاقة الكهربائية والغذاء، ولسياسة الترشيد التي تطال كل مجالات استخدام الطاقة في أوروبا اليوم بدأت دول أخرى في تطبيقها استعدادًا لما هو أسوأ في قادم الحرب الروسية في أوكرانيا، ذلك أن موسكو التي تتعرض لعقوبات اقتصادية غير مسبوقة من قِبل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لم تستسلم لتلك العقوبات الغربية، واتخذت إجراءات صارمة على تصدير الطاقة والمواد الزراعية والصناعية التي تحتاجُها أوروبا لتجعل للعقوبات الغربية تأثيرًا عكسيًا على دول اليورو التي أصبحت تعاني من تبعاتها أشدَّ المعاناة.

ومما لاشك فيه أنَّ الجيش الروسي يتكبد خسائر كبيرة في صفوفه وآلياته، وجحافله التي اندفعت نحو الأراضي الأوكرانية، حيث نجحت واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون في تزويد الجيش الأوكراني بما يحتاجُه من الأسلحة والذخائر والآليات المتطورة وبالخبراء العسكريين والمقاتلين المرتزقة للحؤول دون سقوط العاصمة كييف، وأهم المدن والمقاطعات والأقاليم الأوكرانية بيد الجيش الروسي، ورغم أن الجيش الروسي مُني بهزائم كارثية في عدة مناطق شرق أوكرانيا آخرها في مقاطعة ليمان إلا أن الروس واثقون من تحقيق أهدافهم مهما كان الثمن وهو ما دفع بالرئيس الشيشاني الذي شارك في قيادة جيشه في الحرب جنبًا إلى جنب مع الجيش الروسي إلى مطالبة الرئيس بوتين باستخدام سلاح نووي تكتيكي ردًا على هزائم جيشه شرق أوكرانيا، ومع ذلك لم تتغير المعادلة عسكريًا، والتلويح بالسلاح النووي يندرج ضمن المعادلة الروسيَّة في تغيير مسار الحرب التي حذَّر منها الرئيس الأمريكي جو بايدن في وقت سابق ويبدو أنه سيكتفي بذلك التحذير. الرئيس بوتين تمكن أخيرًا من ضم أربعة أقاليم أوكرانية إلى روسيا، وأجرى استفتاءً بين سكانها من أصل روسي لم يعترف بنتائجه أحد حتى الآن لكنه، باتَ يتحدثُ عن الأراضي الروسية وأمنها من حدود تلك الأقاليم، إضافةً إلى جزر القرم التي تمَّ ضمُها قبل سنوات بحجة أن موسكو استعادتها بعد أن أهدتها لجمهورية أوكرانيا إبان حقبة الاتحاد السوفييتي، وبالرغم من محاولة الرئيس بوتين تغيير معادلة الحرب في أوكرانيا باستدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط إلا أنه أعلن استعداده لوقف الحرب بعد ضم أقاليم شرق أوكرانيا الأربعة إلى روسيا وتاركًا ما تبقى من أوكرانيا لحلف الناتو، وهنا لابد من الإشارة إلى أن بايدن وحلفاءَه الغربيين لم ينجحوا حتى الآن في إسقاط بوتين بحرب أوكرانيا، فيما أفشل بوتين مخطط واشنطن في جعل هزيمة موسكو درسًا للصين حيث بات صوت بكين مرتفعًا لجهة المطالبة بنظام عالمي جديد لا يخضع للقطب الأوحد.

والحاصل أنَّ الدول الأوروبية تشعر بالقلق كثيرًا من استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا التي تستنزف الكثير من مواردها الاقتصادية ومخزونها العسكري وتخشى من عمليات تسرُّب الأسلحة من أوكرانيا عن طريق عصابات دولية إلى مناطق متفرقة من العالم وجماعات إرهابية تشكل تهديدًا لأمنها، كما أن استمرار ضغط واشنطن لفرض مزيدٍ من العقوبات على موسكو سيُؤدِّي إلى عواقبَ وخيمةٍ على أمن أوروبا والعالم، وسينتج دولًا وكيانات بديلة في أرجاء العالم تحد من نفوذ الغرب، ذلك أن الاقتصاد العالمي مهدد بالركود خلال عامَين، ودول اليورو تعاني من ارتفاع نسبة البطالة وغلاء المعيشة وشح مصادر الطاقة ما قد يزعزع أمنها الداخلي، حيث بلغت نسبة التضخم أكثر من 10 في المئة خلال النصف الأول من العام الجاري، الاقتصاد البريطاني في حالة تدهور غير مسبوق، وفرنسا تفقد نفوذها وسيطرتها على القارة السمراء ومواردها المهمة لتحل الصين مكانها، وألمانيا من أكثر الدول تضررًا من الحرب والعقوبات على موسكو، كما أنَّ العالم اليوم مهدد أكثر من أي وقت مضى بتفشِّي المجاعات والأوبئة والحروب ونقص الموارد وتبعات التغيُّر المُناخي.. هذه هي الحرب التي لن يسلم أحد من شظايا نيرانها، ولا يتوقع أحد كيف ستنتهي، وبأي حال يكون العالم بعدها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شظايا حرب أوكرانيا شظايا حرب أوكرانيا



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon