طارق الحميد
نحن اليوم أمام مشهد فوضوي مشتعل، وقابل للانفجار أكثر، في العراق وسوريا، وهو مشهد يقول لنا إن قادة تقسيم وتفتيت الدول العربية، وليس في العراق وسوريا وحدهما، بل واليمن ولبنان، هم حلفاء وأتباع إيران في المنطقة.
في سوريا، مثلا، نجد أنه في الوقت الذي تستهدف به الطائرات الإسرائيلية مواقع لنظام بشار الأسد، يقوم الأخير باستهداف مواقع سنية في العراق، وذلك بدلا من الرد على إسرائيل. يفعل الأسد ذلك وهو الذي لم يتوقف منذ ثلاثة أعوام عن قتل السوريين، وبمساعدة من إيران وحلفائها، من «حزب الله»، والميليشيات الشيعية العراقية! أما عراقيا فإن المشهد هناك لا يقل بؤسا، وتعقيدا، حيث لخص دبلوماسي غربي الواقع هناك جيدا بقوله لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إن ما يحدث في العراق الآن هو: «السنة يسيطرون على المناطق السنية، والشيعة يسيطرون على المناطق الشيعية، والأكراد يسيطرون على المناطق الكردية»! وهذا يعني أن العراق الآن مقسم عمليا!
يحدث كل ذلك في سوريا والعراق لأن رجلين من رجال إيران في المنطقة، أي نوري المالكي والأسد، يريدان البقاء في السلطة ولو على حساب تقسيم العراق وسوريا، وتدميرهما، وعلى حساب كل هذه الدماء المسالة، ومن أجل ذلك تقوم إيران بمدهما بالمساعدات العسكرية، والمقاتلين. والأمر لا يقف عند حد القتل وحسب، بل إن الأسد والحكومة العراقية، ومَن خلفهما، لا يقفون عند أي حدود، حيث يلجآن إلى الكذب، وطوال سنوات، وآخر كذبة كانت قبل يومين حين أغارت طائرات الأسد على مواقع سنية في العراق الذي سارع للقول إن تلك العمليات قامت بتنفيذها طائرات أميركية بلا طيار، وهو ما نفته وزارة الدفاع الأميركية، إذ اتضح أن الطائرات التي قامت بتلك الغارات هي طائرات الأسد!
وعليه فإننا اليوم أمام حقائق طالما سخرت ماكينات في المنطقة للتضليل حولها، وبمشاركة كل حلفاء إيران، حيث سقطت كذبة المقاومة والممانعة، وسقطت كذبة الديمقراطية في العراق، إذ اتضح أن الديمقراطية الشائعة في منطقتنا هي ديمقراطية إيران المزيفة، التي من أبرز سماتها أن يُنتخب من يُنتخب لكن تبقى خيوط اللعبة بيد المرشد الأعلى، وفروعه بالعراق ولبنان. والأمر نفسه ينطبق على ديمقراطية الإخوان المسلمين المزيفة والمستوحاة من ديمقراطية إيران، حيث ينتخب الناس من ينتخبون ويبقى المرشد العام هو الآمر الناهي! وعندما نقول إن كل حلفاء إيران قد شاركوا بحفلة التضليل تلك فيجب أن نتذكر أن من آخر الاتفاقيات التي وقعتها حكومة إخوان مصر قبل سقوطها كانت مع حكومة المالكي!
ولذا فإن الحقائق تقول لنا إن قادة التقسيم بمنطقتنا هم رجال إيران وحلفائها، وبالتالي فإنه لا حلول في العراق وسوريا ما لم يرحل المالكي والأسد. يرحل المالكي لتشكل حكومة وحدة وطنية لإنقاذ العراق، ويسقط الأسد من خلال دعم الجيش السوري الحر لتنجو سوريا، وعدا ذلك فهو إضاعة للوقت والأرواح، وسماح بانهيار دولنا وتقسيمها.
"الشرق الأوسط"