توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مجرمون... ولكن!

  مصر اليوم -

مجرمون ولكن

بقلم- طارق الحميد

ارتبكت بعض وسائل الإعلام العربية، ومثلها وسائل التواصل، فور إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تقديم طلبات إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس «حماس» بغزة يحيى السنوار، ومسؤولين آخرين.

وهذا الارتباك لم يقتصر على وسائل الإعلام، ووسائل التواصل، بل على المشهد السياسي برمته؛ إذ جاء طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية كريم خان مربكاً لكل الأطراف التي لها رغبات، وأمنيات، متباينة.

عربياً، كان الجميع ينتظرون «مصداقية» المحكمة الجنائية، وذلك من خلال إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو، لكنَّهم كانوا يتشككون في ذلك. وكانت «حماس» أكثر المنتظرين لذلك القرار لتعلن نصراً قضائياً، ودولياً، لكن طلب الاعتقال صدر بحق نتنياهو والسنوار.

بينما في الغرب، والولايات المتحدة تحديداً، كان بعض أعضاء الكونغرس يهددون المحكمة الجنائية الدولية للضغط من أجل عدم إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو الثور الهائج سياسياً ضد خصومه الإسرائيليين، وكذلك ضد الرئيس الأميركي نفسه.

وما حدث هو أن المدعي العام ساوى بين نتنياهو والسنوار، كما ساوى بين قائد «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس»، محمد الضيف، ورئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت.

واتَّهم المدعي العام المسؤولين الإسرائيليين، ومسؤولي «حماس»، قائلاً إن لديه أسباباً معقولة لاعتقاد أنَّهم يتحمَّلون المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بداية من السابع والثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وبهذا الاتّهام صوّر المدعي العام المسؤولين الإسرائيليين ومسؤولي «حماس» كمجرمين، وكثر يشاركون المدعي العام هذه القناعة، لكن توجيه الاتهام بالتساوي ضرب العملية القانونية برمتها، قبل أن تواصل درجاتها القضائية.

هذا الاتهام، لكل الأطراف، يعني أنهم لن يقبلوا بتنفيذها، ولن يتحمَّس أحد للدفع باعتقال هذا مقابل ترك ذاك، فلن تتحمَّس «حماس» للمطالبة بإلقاء القبض على نتنياهو الذي هو غير معنيّ الآن أيضاً بعملية إلقاء القبض على قادة «حماس»، بل يريد تصفيتهم.

ولن يسعى الغرب للضغط على أحد لتسليم قادة «حماس»؛ لأنه ليس بمقدور أحد أيضاً إلقاء القبض على نتنياهو الآن، ورأينا كيف كان يسافر الرئيس السوداني السابق عمر البشير، رغم المطالبات الدولية بإلقاء القبض عليه.

والقصة لن تنتهي عند هذا الحد، بل إنَّ السؤال الآن هو: كيف فتح هذا الادعاء أبواباً وآفاقاً للرئيس بوتين الذي قيل إنَّ المحكمة الجنائية الدولية ستلاحقه؟... هل يتعامل الأوروبيون، مثلاً، مع نتنياهو بطريقة مختلفة عن الرئيس بوتين بسبب الحرب في أوكرانيا؟

ولا أقول إنَّ قرار «الجنائية الدولية» مسيّس، وربما يكون كذلك، وإنّما وقعت المحكمة الآن في براثن الساسة، والسياسة، ولن يُنظر لها من زاوية قانونية بقدر ما سيتم تعويم الأمر، من كل الأطراف عربياً وغربياً، وتحديداً أميركياً. وعليه، فهم مجرمون، ولكن!

وبالتالي، فإنَّ طلب المدعي العام زاد من تعقيد الأزمة، وربما يدفعها للتفاقم؛ لأن الحرب في غزة ليست نابعة عن استراتيجية، وإنما الرغبة في البقاء. نتنياهو يريد البقاء سياسياً، والسنوار يحاول الحفاظ على حياته، وهنية يريد الحفاظ على حكم «حماس» لغزة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجرمون ولكن مجرمون ولكن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon