بقلم- طارق الحميد
في الوقت الذي ينصب فيه الحديث اليوم على جهود التطوير والإصلاح في السعودية، اقتصادياً واستثمارياً واجتماعياً، وجودة حياة، مع دور سياسي واضح وبارز بالمنطقة، يوجد أمر مهم آخر، وهو أن السعودية لم تنسَ أن خطر الإرهاب لا يزال قائماً.
لقد عُقد بالرياض الاجتماع الثاني لمجلس وزراء دفاع دول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، بشعار: «محاربة الإرهاب مسؤولية مشتركة»، وبرئاسة الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز، وزير الدفاع رئيس مجلس وزراء دفاع دول التحالف، وبمشاركة وزراء دفاع الدول الأعضاء، والداعمة.
وفي الاجتماع، شدد وزير الدفاع السعودي على أن «استمرار العدوان الإسرائيلي» على الفلسطينيين يتطلب موقفاً موحداً من قبل الدول الأعضاء بالتحالف لإدانة «الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية، و«ضرورة الوقف الفوري» للعدوان «وفق قرارات القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية» في الرياض. وهذا التشديد ليس مجرد تصريح عابر، وإنما دليل وعي بأن من مخاطر حرب غزة تأجيج الإرهاب بالمنطقة، وهو الأمر الذي تعيه السعودية تماماً، فرغم كل جهود التطوير والازدهار والتقدم، بكل المجالات، فإن السعودية لم تغفل خطر الإرهاب، كما أن الرياض تعي تماماً طبيعة المنطقة وخطورة الإرهاب فيها، وهي من أوائل محاربي الإرهاب.
وتنطلق السعودية الآن من رؤية واضحة، «رؤية 2030»، وتسير وفق منهج واضح مفاده أن التطور عمل متكامل، ومن أساسياته محاربة الإرهاب. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كلمة مهمة ولافتة، حيث ذكر حينها: «قدمت وعوداً في عام 2017 بأننا سنقضي على التطرف فوراً، وبدأنا فعلياً حملة جادة لمعالجة الأسباب والتصدي للظواهر»، مؤكداً حينها أنه «خلال سنة واحدة، استطعنا أن نقضي على مشروع آيديولوجي صُنع على مدى 40 سنة»، ومضيفاً: «اليوم لم يعد التطرف مقبولاً في السعودية، ولم يعد يظهر على السطح، بل أصبح منبوذاً ومتخفياً ومنزوياً»، ومتعهداً بالقول: «ومع ذلك سنستمر في مواجهة أي مظاهر وتصرفات وأفكار متطرفة».
وتأكيداً على ذلك التعهد، والرؤية الواضحة، رأس الأمير خالد بن سلمان الاجتماع الثاني لدول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهـاب، مؤكداً أن «المهمة عظيمة والتطلعات كبيرة، وتتطلب تضافر الجهود والتكامل والتعاون والشراكة مع مختلف دول العالم والهيئات والمنظمات الدولية».
وهذا أمر جلي لمن يتأمل منطقتنا ومعاناتها مع الإرهاب؛ ولذلك فإن السعودية حريصة على أمن واستقرار المنطقة، وسبق لولي العهد أن قال إن ازدهار السعودية هو من ازدهار جيرانها، وهو الأمر الذي يؤكده اجتماع مكافحة الإرهاب برئاسة وزير الدفاع السعودي، وأعلن عن دعم السعودية صندوق تمويل المبادرات بالتحالف الإسلامي بمبلغ 100 مليون ريال، بالإضافة إلى دعم 46 برنامجاً تدريبياً، ضمن مجالات عمل التحالف «الفكرية، والإعلامية، والعسكرية، ومحاربة تمويل الإرهاب».
وعليه، فإن هذا الاجتماع بمثابة التذكير بوضوح الرؤية السعودية، والتزامها الراسخ في القضاء على التطرف، ومكافحة الإرهاب، وبتعاون عربي إسلامي دولي؛ فلا استقرار أو ازدهار للمنطقة من دون أمن ومكافحة إرهاب؛ ولذلك نجح مؤتمر الرياض.