توقيت القاهرة المحلي 20:36:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السودان.. عبث أم مواجهة؟

  مصر اليوم -

السودان عبث أم مواجهة

طارق الحميد

عندما تتأمل عملية استهداف مصنع «اليرموك» للأسلحة في السودان من قبل إسرائيل، فأنت أمام خيارين، كمواطن عربي حريص على الدول العربية؛ الأول أن تنظر لضرب إسرائيل لمصنع «اليرموك» للأسلحة بنظرة عاطفية، وتشعر بالغضب تجاه إسرائيل، وتقول في حقها ما تشاء. والخيار الثاني هو أن تنظر للموضوع بنظرة عقلانية، وتحاول استخلاص العبر مما مر ويمر بمنطقتنا. شخصيا، أفضل الخيار الثاني، العقلاني، وهذا يعني طرح سؤال مهم جدا، وبسيط، وهو: مصنع أسلحة في دولة أهلكتها الحروب، والانقسامات، والأزمات؟ نعم، فكيف لدولة تعاني أزمات وحروبا داخلية طاحنة، وحالة تردٍ متكاملة جعلت رئيسها مطلوبا للعدالة الدولية، كما دفعت خيرة عقول مواطنيها للهجرة، ودفعت المجتمع الدولي لتسليط الضوء على السودان، حيث هناك لجان ومنظمات دولية، شغلها الشاغل هو السودان من دارفور إلى قضايا حقوق الإنسان هناك، كيف لتلك الدولة أن تبني مصنعا للسلاح، وهذا ليس كل شيء، بل إن إيران تتهم بالتورط فيه؟ والأدهى والأمرّ أن بعض المسؤولين السودانيين يقولون، إنه بعد هذه الضربة بات السودان دولة مواجهة.. حسنا وماذا؟ ما الذي بوسع الخرطوم فعله؟ فعلا أمر محير، فالقصة هنا ليست قصة إشاعات، أو أغراض دعائية، فقبل ذلك، وفي أواخر التسعينات قامت الولايات المتحدة الأميركية بقصف ما عرف وقتها بمصنع «الشفاء» للأدوية بالسودان، والذي وبحسب ما نشر موقع «بي بي سي» العربي الإخباري، سبق للرئيس الأميركي في حينها بيل كلينتون أن قال حول استهداف ذلك المصنع، إن له علاقة بالشبكة التي يديرها أسامة بن لادن، وإنه كان ينتج مواد تدخل في إنتاج الأسلحة الكيماوية، رغم إصرار أصحاب المصنع على أن مصنعهم لا علاقة له بأسامة بن لادن. والقصة لا تقف عند هذا الحد، فقد تم استهداف قوافل للسلاح أيضا من قبل عامين أو أقل في السودان، وقيل إن إسرائيل تقف خلفها لأن بها أسلحة مهربة لحماس، واليوم تأتي عملية قصف مصنع «اليرموك» للأسلحة، والذي تتهم إيران بأن لها علاقة بعملية التصنيع فيه، فأي عبث أكثر من هذا في السودان المقسم، والمنهك بسبب النظام الإخواني الحاكم هناك، والذي لا يخرج من أزمة إلا ويدخل في أخرى! فمن ينظر في الإحصائيات الخاصة بالأمن الغذائي في السودان، والفقر، والتعليم، ووفيات الأطفال، هذا عدا عن الأزمات الدائرة بمناطق عدة هناك، سيعي تماما حجم أزمة هذه البلاد، ومدى عبثية وجود مصانع أسلحة تخدم أطرافا خارجية فيه، مما يجعل السودان كله منطقة مستباحة للأعمال العسكرية، سواء من إسرائيل أو غيرها. من ينظر لواقع السودان، من استضافة أسامة بن لادن، إلى عمليات تهريب السلاح، ثم بناء مصانع الأسلحة العبثية، وقبلها الحروب الداخلية، والأزمات، والتقسيم، يدرك أن السودان ليس دولة مواجهة، كما يردد بعض مسؤوليه، بل دولة ارتكاب الأخطاء الممنهجة، ومنذ وصول هذه السلطة الإخوانية لحكم السودان، مما يعني أن السودان، والمواطن السوداني هما الضحية أولا وأخيرا. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان عبث أم مواجهة السودان عبث أم مواجهة



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon