طارق الحميد
ليس من الغريب أن تخرج صحيفتان غربيتان، إحداهما بريطانية والأخرى أميركية، بتقريرين متشابهين عن حزب الله والورطة التي بات يشعر بها لبنانيا، وعربيا، وحتى إسلاميا؛ فالأحداث في سوريا، التي تشهد تورطا مجنونا للحزب هناك في دعم الأسد، وكذلك عملية اغتيال الراحل وسام الحسن، كلها تضع حزب الله في عين العاصفة.
صحيفتا الـ«واشنطن بوست» الأميركية، والـ«صنداي تلغراف» البريطانية، نشرتا تقارير عن تباينات داخل حزب الله حول النهج الذي يجب أن يتبع في سوريا، وخطورة الاندفاع بالدفاع عن بشار الأسد، حيث أفقد ذلك الحزب شعبيته في المنطقة، ولبنان، حيث انفضح كذب الحزب، وانفضحت طائفيته. لكن اللافت في قصة الـ«صنداي تلغراف» هو ما نقل عن مصدر مقرب من دوائر القيادة بحزب الله، حيث يقول المصدر: «يدرك قادة حزب الله وإيران أنهم على طريق صدام مع السُنة إن لم يردموا الهوة بينهم. والقضية الساخنة في ذلك هي سوريا، ومستقبل حزب الله والشيعة عموما مرتبط بسوريا. وإذا كان الأمر يتطلب التضحية ببشار فلنضحِ به ولا نضحي بسوريا»! وهذا كلام مهم، لكن هل لا يزال بمقدور حزب الله التضحية بالأسد والاحتفاظ بسوريا؟
أشك في ذلك كثيرا، فبعد مقتل قرابة خمسة وثلاثين ألف سوري على يد قوات الأسد تصبح الحلول صعبة، وترميم العلاقات الطائفية سيكون أعقد. صحيح أن بإمكان حزب الله، لو كان صادقا ومن الصعب تصديقه، أن يقوم بعمل ما لتقليل الخسائر، ومثله إيران، لكن المؤكد أن جدار الثقة قد أصيب بشرخ عميق ليس من السهل علاجه. وقد يقول قائل: هل تصدقون أن حزب الله سيقدم على التضحية بالأسد للحفاظ على سوريا؟ والإجابة هي أن الحزب يتمنى ذلك، لكن هذا أمر صعب، حيث سيسقط الأسد أراد الحزب أم لا. والواضح اليوم من مثل هذه التسريبات التي تتحدث عن انقسام في الرأي بين قيادات الحزب المدنية والعسكرية حول سوريا، والتضحية بالأسد، أنها كلها تشير إلى أن هناك قلقا حقيقيا داخل حزب الله، وهو ما سبق أن أشرنا إليه في أحد المقالات، وتحديدا بعد مقابلة حسن نصر الله المطولة مع قناة «الميادين».
كما أن هذه التسريبات تشير إلى أن حزب الله بات يشعر بورطة حقيقية بعد اغتيال العقل الأمني اللبناني وسام الحسن، حيث شعر الحزب بحجم البغض له من شريحة كبيرة من اللبنانيين، وخسارته للشارع السوري، وبالطبع الشارع العربي، وعليه فمن الطبيعي أن في الحزب من يستشعر خطورة مثل هذه الأوضاع، وآخرين يعميهم الغرور، خصوصا أن من يعرفون قيادات الحزب جيدا ينقلون عن بعض هؤلاء القيادات حالة الغرور التي باتت تعتري حسن نصر الله، خصوصا بعد حرب 2006، واحتلال بيروت، حيث تحول إلى الرجل الذي لا يقال له لا!
وعليه فليس من المهم الآن تفكير حزب الله في التضحية بالأسد للحفاظ على سوريا، حيث لا بواكي للأسد، كما أن قيمة أي «صفقة» لإسقاطه باتت تقل أكثر وأكثر، بينما حجم خسائر حزب الله في ازدياد، وهذا ما يجب أن يقلق حزب الله الإيراني، وليس التضحية بالأسد والاحتفاظ بسوريا.
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"