طارق الحميد
بكل تأكيد، إن المستفيد من التفجير الذي استهدف حافلة نقل ركاب داخل تل أبيب يوم أمس هو نظام بشار الأسد، وخصوصا أن التفجير جاء في توقيت كان الجميع يترقب فيه الإعلان عن الهدنة، أو التهدئة، بين كل من إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة بقيادة حماس، وبرعاية مصرية، دولية.
جاء ذلك التفجير والجميع مقتنع بأنه لا بد من وقف العدوان الإسرائيلي، ووقف الصواريخ المطلقة من غزة، هذا ما أراده المصريون، حتى إن البعض بدأ يعلن عن انتصار «دبلوماسية مرسي». كما جاء ذلك التفجير وخالد مشعل نفسه قد عبر عن رغبة حركته بالتزام التهدئة، حتى إنه قال: «لا نريد تصعيدا، حماس شجاعة ولكنها ليست متهورة».
الجميع أراد، ويريد، هذه التهدئة، بمن فيهم الإسرائيليون، والقصة ليست قصة تعنت طرف ضد آخر، حماس وإسرائيل، وإنما كل طرف يريد تحقيق مكاسب من الاتفاق المنتظر لكي يروج قصة انتصاره، إلا أن هذا التفجير جاء لاستهداف «اللحظات الأخيرة» من جهود التوصل لاتفاق التهدئة. وهذا التفجير الذي لا يقدم ولا يؤخر في الصراع على غزة، بل إنه سيؤدي إلى تعنت إسرائيلي، كما أدى إلى قلب موازين التغطية الإعلامية دوليا، حيث بات الحديث الآن عن «عملية إرهابية» وليس عن حرب، أو عدوان، أو معاناة أهل غزة، المستفيد منه هو من دون شك الطرف الذي يريد إطالة هذه الحرب.
وأكبر مستفيد من هذه الحرب اليوم هو نظام طاغية دمشق، حيث علا صوت حرب غزة فوق صوت حرب الأسد على شعبه، وها هي إيران، وحزب الله، يحاولان الاستفادة من حرب غزة لتلميع صورتهما السيئة، ولإطالة عمر نظام الأسد، حيث نجد حسن نصر الله يقول، إن «إيران والأسد وحزب الله لن يتخلوا عن غزة»، ونجد علي لاريجاني، رئيس البرلمان الإيراني، يقول بلا حياء، إن على دول المنطقة أن «توجه قوتها إلى فلسطين لكي تقاتل الكيان الإسرائيلي بدلا من توجيه القوة وإرسال السلاح إلى سوريا»، وكأن مقتل 36 ألف سوري على يد قوات الأسد ليس ذا قيمة! ولذا فقد كان مهما جدا تصريح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي حمل فيه إيران «مسؤولية كبرى جدا» في نزاعات الشرق الأوسط، وخصوصا في غزة، حيث يقول فابيوس: «نجد إيران في لبنان وسوريا والعراق وغزة، وفي كل مرة بنوايا سلبية جدا، ثم هناك المسألة الكبرى المتعلقة بملفها النووي»!
وعليه، فيجب ألا يساورنا أدنى شك بأن من يقف خلف تفجير حافلة تل أبيب هو من يريد إطالة أمد العدوان الإسرائيلي على غزة، وضرب الجهود المصرية، وإشغال العرب، والمجتمع الدولي، بأزمة غزة بدلا من التركيز على حرب الأسد ضد شعبه. ملخص القول، وكما قلنا من قبل، إن أهم عامل من عوامل استقرار هذه المنطقة هو إسقاط الأسد، وحرب غزة الحالية أكبر دليل على خطر هذا النظام، وحلفائه، على المنطقة ككل، وعلى القضية الفلسطينية نفسها.
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"