توقيت القاهرة المحلي 09:03:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر تخوض معركتنا

  مصر اليوم -

مصر تخوض معركتنا

طارق الحميد

سبق أن كتبت هنا، مرارا، أنه إذا صلحت مصر صلح العالم العربي، وإذا فسدت فسدت المنطقة كلها، ولذا فإن ما يحدث اليوم هو أن مصر تخوض معركتنا كلنا، معركة الدولة ضد من يريدون هدم مفهوم الدولة، فما يحدث في مصر ليس ثورة تصحيحية، أو هبّة على فرعون جديد، بل هي صحوة من تنبه لهدم مفهوم الدولة. والفضل في هذا الموضوع يعود لجشاعة الإخوان المسلمين السياسية التي دفعتهم لمحاولة السيطرة على كل مفاصل الدولة المصرية، فبعد إقصاء العسكر، وتحييد الإعلام، جاء الدور على القضاء، وهو ما حذرنا منه من قبل، وكل ذلك تمثل بالقرارات غير المسبوقة للرئيس المصري الذي قال: أنا الدولة والدولة أنا. وعليه فإن ما يحدث في مصر ليس معركة المصريين، بل معركة كل العرب، وتحديدا المؤمنين بمفهوم الدولة المدنية، وليس الدولة الدينية، على طريقة الدولة الدينية الإيرانية. والقضية هنا ليست إقصاء للدين، أو معاداة له، وعلى القارئ أن يقرأ الآن بكل تمعن، وهدوء. ففي التاريخ العربي الحديث، مر علينا رجال سياسة من خلفية دينية، لكنهم كانوا رجال دولة، احترموا التعددية، والاختلاف، وأن ما لله لله وما لقيصر لقيصر، لم يكونوا قصيري نظر، ولم يستخدموا الدين لإقصاء الآخرين، بل كان دينهم بينهم وبين ربهم، وعملوا، وواصلوا الليل بالنهار لإحياء مفهوم الدولة، حيث استوعبوا شروط الدولة، ومفهوم رجل الدولة. ولذلك كانت الدولة العربية بعد الاستعمار، مثلا، أكثر تسامحا، وانفتاحا، حتى جاءتنا لعنة الثورة الخمينية التي أيقظت المارد الديني في منطقتنا، وأجبرت كثرا في المنطقة على الدخول في حفلة مزايدات مع إيران الإسلامية. ولذا، فإن معركة مصر اليوم هي معركة كل العرب. فما الذي نريده لمستقبلنا، ودولنا، وأبنائنا، هل نريد دولا محترمة، وساسة يقومون بخدمة مواطنيهم، وحماية دولهم، أم نريد من هم على شاكلة خالد مشعل، وحسن نصر الله، وأسامة بن لادن، وأيمن الظواهري، أو حتى نوري المالكي، خصوصا وقد ثبت أن الإسلام السياسي، شيعيا وسنيا، نموذج فاشل لإدارة الدولة، ومثلهم العسكر، الحقيقيون والمدعون؟ معركة مصر هي معركة لإيقاظ الإحساس بقيمة الدولة، ورجل الدولة، سواء كان من خلفية متدينة، أو لا، فالدين لله، والوطن للجميع. معركة مصر ليست معركة الديمقراطية، فطريق منطقتنا في ذلك طويل، وخصوصا أننا نرى ملوكا، وشيوخا، وأمراء، يقدمون تنازلات لشعوبهم، بينما نرى رؤساء «إسلاميين»، والمقصود هنا الإسلام السياسي، يريدون إلغاء القضاء، وكل السلطات، لتكون لهم الكلمة العليا. معركة مصر هي معركة الدولة التي تقوم بمفهوم الدولة الحقيقي: الأمن، والتعليم، والدفاع، والصحة، وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين، وليس دولة المرشد، سنيا كان أو شيعيا. ولذا، فإن ما يحدث في مصر اليوم سيكون مؤثرا على كل المنطقة، فعندما تعسكرت مصر تعسكر جزء كبير من المنطقة، وعندما «تدروشت» مصر «تدروشت» المنطقة، وإذا استيقظت مصر الدولة، وعن حق، فستستيقظ المنطقة كلها، فالقصة هنا ليست عداء مع الدين، بل مع مستغليه، سنة وشيعة، الذين أمعنوا في هدم مفهوم الدولة. لذلك، هي معركتنا جميعا، وليست معركة المصريين وحدهم. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر تخوض معركتنا مصر تخوض معركتنا



GMT 09:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 09:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 08:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستقلال اليتيم والنظام السقيم

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل إمام و«بهلوان» يوسف إدريس

GMT 08:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تسعى إيران حقًّا إلى السلاح النووي؟

GMT 08:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

بقلم : أمينة خيرى

GMT 08:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

للتاكسى قواعد (5)

GMT 08:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ألف سؤال.. وسؤال

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon