طارق الحميد
حذر زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر بأن «الربيع العراقي آت»، في الوقت الذي هدد فيه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي باستعمال القوة لفض الاعتصام على الطريق الدولي في الأنبار منذ عشرة أيام، فهل فعلا أن «الربيع العراقي آت»؟ الإجابة البسيطة هي أن الربيع العراقي سيكون خريفا إيرانيا.
فما لم يتجاوز المالكي العاصفة التي تواجهه، وقد تتحول إلى إعصار، فإن من سوف يسقطه هذه المرة هم الإيرانيون أنفسهم لا العراقيون. فطهران لن تتحمل بكل تأكيد سقوط النظام الأسدي الإجرامي، واقتلاع حليفها المالكي في العراق، فمن شأن ذلك أن يكون خريفا إيرانيا قاسيا، وخصوصا أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية على الأبواب، ناهيك عن الاستحقاقات الأخرى التي تنتظر طهران، ومنها الملف النووي. كل ذلك قد يدفع إيران إلى أن تعجل بسقوط المالكي، وقبل الأسد، وذلك من خلال إبدال المالكي بشخصية أخرى في رئاسة وزراء العراق. وهذا ما يجب أن يتنبه إليه كثيرون في العراق، لا سيما بعض السنة هناك، وتحديدا بالابتعاد عن الطائفية، وعدم حمل صور صدام حسين. وكما حذرهم الصدر نفسه، وهو محق، فمن الممكن أن تتحول العاصفة العراقية إلى إعصار يقتلع المالكي، وحتى قبل أن يستخدم القوة التي لوح باستخدامها.
دخول الصدر على خط المظاهرات المناوئة للمالكي، والتي سيتبعها بكل تأكيد دخول الأكراد، خصوصا مع تهديدات المالكي المستمرة لهم، ومع التفاهم الصدري - الكردي بالطبع، ومثلهم قوى سياسية عراقية أخرى حول خطورة ما يفعله المالكي في العراق، قد يجبر إيران على اتخاذ خطوة، ومن باب «بيدي لا بيد عمر»، لاستبدال المالكي بشخصية أخرى تستطيع تحقيق الحد الأدنى من التوافق العراقي، خصوصا أن المالكي قد أحرق كل الجسور مع جل التيارات العراقية. فإيران التي تفعل المستحيل اليوم لحماية الأسد الساقط لا محالة، لا يمكن أن تتحمل سقوط حليف استراتيجي آخر لها في العراق، فمن شأن ذلك أن يشكل ضربة غير سهلة لنظام الملالي في إيران، والذي كما أسلفنا، ينتظر استحقاقات مهمة وحاسمة، خارجيا وداخليا.
سقوط المالكي، وكما هدد الصدر من خلال «ربيع عراقي آت» يعني أن أيدي إيران في المنطقة ستقطع، وأن السحر سينقلب على الساحر، بمعنى أنه مثلما أن إيران تفكر بأنه لا سوريا من دون الأسد، فإن إيران ستجد نفسها بلا حلفاء في المنطقة، على مستوى دول منها العراق وسوريا.
ولذا، خصوصا لو تحركت الأطراف العراقية الفاعلة بتنسيق متكامل، مع ركوب المالكي رأسه بالتصدي للمظاهرات بالقوة، وتنبه بعض من سنة العراق إلى أن الوقت الآن يتطلب ذكاء لا عاطفة، لاسيما في قضية رفع صور صدام حسين وخلافه من القضايا التي تفرق ولا تجمع، فحينها يجب عدم استبعاد فرضية أن يحدث سقوط المالكي، وبيد إيران، قبل سقوط الطاغية الأسد، وذلك من أجل أن تحافظ إيران على الحد الأدنى من مصالحها في المنطقة، فسقوط المالكي على يد العراقيين وبطريقة «الربيع العراقي» الذي حذر منه الصدر سيكون بمثابة الخريف الإيراني، وهو ما يتطلب الآن يقظة الحكماء، وفي كل مكان!
نقلاً عن جريدة " الشرق الأوسط " .