طارق الحميد
يبدو أن نصائح الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، قد بدأت تتبلور في سوريا؛ حيث أعلن النظام الأسدي عن تشكيل فصيل عسكري جديد سماه «جيش الدفاع الوطني» يأتي كرديف للقوات الأسدية. وبحسب ما نقلته الصحيفة عن موقع «روسيا اليوم» فإن هذا الفصيل «سيتم تشكيله من عناصر مدنية أدت الخدمة العسكرية إلى جانب أفراد اللجان الشعبية التي تشكّلت تلقائيا مع تطور النزاع القائم في سوريا»، وأن مهام هذا الفصيل «ستقتصر على حماية الأحياء من هجمات مسلحي المعارضة، وسيتقاضون رواتب شهرية كما سيكون لهم زِي موحد». وسيناهز عدد هذا الفصيل العشرة آلاف شاب من مختلف محافظات البلاد.
وبالطبع سارعت المعارضة لوصف هذا الفصيل بأنه تسمية جديدة للشبيحة، والحقيقة أن هذا الفصيل هو أقرب لميليشيات الباسيج الإيراني والتي تعني التعبئة، وأسسها الإمام مصطفى أحمد الموسوي الخميني في نوفمبر (تشرين الثاني) 1979، وتتبع الحرس الثوري الإيراني. ويقوم الباسيج الإيراني على تشكيلات متطوعة من موالين لا يشك في تبعيتهم للولي الفقيه. ولعب الباسيج دورا مهما في وأد الثورة الخضراء في إيران إبان الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ومن هنا فإن تشكيل فصيل «جيش الدفاع الوطني»، أو الباسيج الأسدي، ما هو إلا دليل على أن الأسد قد بدأ يفقد ثقته بالجيش، أو ما يعرف بالقوات النظامية إعلاميا، خصوصا مع كثرة الانشقاقات، وهو ما أجبر النظام الأسدي على تجنب تسليح أفراد قواته بالأسلحة الثقيلة أو العتاد المتكامل وذلك خشية انشقاقهم ونقل الأسلحة للجيش الحر الذي بات يسعى لتدمير الدبابات، مثلا، لأنه كان يجد أن عدد القاذفات فيها لا يتجاوز الخمس، وعليه فإن التدمير أسهل من جهود الاستيلاء عليها.
كما أن من دلالات تشكيل الباسيج الأسدي أن النظام بدأ يعيد تموضعه طائفيا بشكل واضح، حيث بات يسعى لاستقطاب أهل المصير، وليس الولاء، خصوصا أن كثيرا من الموالين للأسد باتوا مقتنعين بنهايته المحتومة، لذا فإن النظام يريد ضمان أن تكون ذراعه العسكرية الأخيرة مكونة من مقاتلين يعون أن مصيرهم من مصير الأسد، ولذا فإنهم سيقومون بالدفاع عنه حتى الموت.
ونقول إن هذا الفصيل الجديد، الباسيج الأسدي، هو فكرة إيرانية لأنه يأتي في توقيت لا يجد فيه الأسد أموالا حتى يدفع الرواتب، أو ينقذ اقتصاده، خصوصا أن الثورة تكلفه شهريا مليار دولار، ولذا فإن الواضح أن الباسيج الأسدي يأتي بدعم وتنظيم إيراني، وهو ما يتماشى مع الخطة الأمنية المتبعة في دمشق حيث تقسم العاصمة إلى مربعات أمنية وهو النهج الذي استخدم لقمع الثورة الخضراء في إيران يوم قسمت العاصمة طهران لتفريق الحشود، ومنع اهتزاز الأمن فيها.
الباسيج الأسدي يفضح مدى تورط إيران، وعمق أزمة الأسد الذي لم يعد يثق بقواته، ويظهر حجم الدمار الذي يلحقه الأسد بسوريا، كما أن الباسيج الأسدي يدل على خطورة مرحلة ما بعد الأسد حيث يصار الآن لخلق مجاميع إرهابية، وميليشيات طائفية ستكون مهمتها منع استقرار سوريا.
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"