طارق الحميد
غير مفهوم هذا النفاق الذي يمارسه المجتمع الدولي حين يهب مدينا «جبهة النصرة» في سوريا، ويجبر الجميع على نبذها، بينما لا يتحرك الآن وحزب الله يقاتل جنبا إلى جنب مع قوات الأسد؛ وتحديدا في القصير! نقول «نفاق» لأن «جبهة» حسن نصر الله لا تقل خطورة عن «جبهة النصرة»، بل تفوقها خطورة.
حزب الله يدافع عن أسوأ نظام إجرامي في منطقتنا ولدوافع طائفية، بينما «جبهة النصرة» هي حالة طارئة لا يمكن أن يتقبلها السوريون، أو يتعايشوا معها، كما أنها لا يمكن أن تستمر لو كان هناك تدخل دولي على قدر من المسؤولية، خصوصا بدعم القوى المعتدلة من الثوار، وهم السواد الأعظم. ولا بد من التشديد هنا، والمرء ليس مضطرا للكتابة بلغة اعتذارية، على أن حجم ونوعية الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد، مثل إشعال النار في رأس معارض قبل قتله، من شأنها أن لا تغذي «جبهة النصرة» أو «القاعدة» نفسها فقط، بل من شأنها أن تخلق أسوأ أنواع التطرف!
والغريب أن نجد جدالا غربيا حول من يقف خلف «جبهة النصرة» أو «القاعدة»، وهذا سؤال ساذج بالفعل، فمن يقف خلفهما اثنان لا ثالث لهما: جرائم الأسد، وصمت المجتمع الدولي ونفاقه! فمن يرد الحد من خطورة «جبهة النصرة»، فعليه أن يوقف جرائم حزب الله بحق السوريين، وهو، أي حزب الله، الوجه الآخر لـ«القاعدة» في منطقتنا بنسخته الشيعية، الذي استطاع لفترة طويلة خداع السذج بمنطقتنا؛ دول وتيارات وشخصيات، بأنه يمارس الديمقراطية في لبنان، وأن سلاحه موجه لإسرائيل، بينما ها هو الحزب يتوغل في الدم السوري نصرة للأسد.. فهل السوريون هم إسرائيل؟ وهذا سؤال برسم كل السذج الذين نافحوا عن حزب الله، أو تحالفوا معه، وروجوا له، وانتقدونا مطولا على انتقاده.
ولذا، فإن على من يريد الحد من وجود «جبهة النصرة» و«القاعدة» بسوريا، أن يتحرك لإيقاف «جبهة» حسن نصر الله أيضا، فاليوم ثبت أن الأسد هو الطائفي، وليس الثوار، والأسد هو الخطر على سوريا وليس «جبهة النصرة»، فهو، أي الأسد، من يجلب التطرف بأفعاله الإجرامية بحق السوريين. ما لا يستوعبه الغرب، للأسف، أن «جبهة النصرة» عارض مرض، أي حالة طارئة، بينما «جبهة» حسن نصر الله، ومن خلفها إيران والأسد، هي المرض نفسه، سوريّا، ولبنانيا، وعراقيا، وحتى يمنيا. كما أن الأمر الذي لا يفهمه الغرب هو أن عدم لجم «جبهة» حسن نصر الله من خلال دعم الثوار، وتدخل المجتمع الدولي بشكل فعال لإيقاف جرائم الأسد، من شأنه أن يجعل أفغانستان الثمانينات، وما تلاها، نزهة مقارنة بما يحدث بسوريا الآن، حيث يختلط الدم بالطائفية في وسط المحيط السني، وهذه هي وصفة الدمار القاتلة.
نقلاً عن جريدة الشرق الاوسط