طارق الحميد
مثلما قسمت حماس الفلسطينيين ثم لجأت للخارج، سواء إيران أو قطر أو تركيا، ها هي جماعة الإخوان المسلمين تسير على خطى حماس وتطلب من الاتحاد الأوروبي الآن الوساطة في مصر! وبحسب ما نقلته «بي بي سي»، ووكالة «رويترز»، فإن جماعة الإخوان اقترحت من خلال وسيط من الاتحاد الأوروبي إطار عمل لمحادثات ترمي لحل الأزمة السياسية بمصر.
وكالعادة سارع الإخوان لنفي الخبر، وهم، أي الإخوان، الذين يفعلون المستحيل من أجل التدخل الغربي، إلا أن المؤشرات تقول إنه لا غرابة بخبر التوسط الأوروبي، خصوصا بعد تصريحات وزير الخارجية الأميركي التي أظهر فيها تفهما واضحا لعملية خلع محمد مرسي، حيث قال كيري: «كان هناك موقف غير عادي في مصر، مسألة حياة أو موت، مسألة احتمال اندلاع حرب أهلية وعنف هائل، والآن هناك عملية دستورية تتقدم للأمام بسرعة كبيرة». ويبدو أن جماعة الإخوان فهمت التصريح الأميركي جيدا، وخصوصا أن الجماعة، ومعها أصحاب الإسلام السياسي بمصر والمنطقة، كانوا يأملون بتدخل غربي لاستعادة حكمهم الذي سقط بخروج الحشود المصرية غير المسبوقة ضد مرسي والإخوان.
ولذا، فإن توسيط الإخوان للاتحاد الأوروبي بمصر، وهو الأمر الذي ما لبث أن نفوه، يؤكد على أن الإخوان كانوا يعولون على الغرب أكثر من تعويلهم على اللحمة الوطنية المصرية، وهذا ما لخصه الفريق عبد الفتاح السيسي بكل وضوح حين قال أمام جموع من الضباط المصريين الأسبوع الماضي: «إذا لم تجد صيغة كحاكم لتحيد القوى المضادة لك فاترك الحكم»، وهذه لغة لا يفهمها بالطبع من لا يؤمنون بالأوطان، وكل همهم السلطة فقط! ومن شأن توسيط الإخوان للأوروبيين، سواء طلب الإخوان أو لم يطلبوا، فمجرد التدخل الخارجي يجعل الإخوان يسيرون على خطى حماس التي قسمت الفلسطينيين واستعانت بالخارج لتعزيز سلطتها في غزة، وها نحن نجد المتحدثين باسم الإخوان، مثل جهاد الحداد، لا يتحدثون إلا للإعلام الأجنبي، مثلهم مثل أحمد يوسف مستشار إسماعيل هنية الذي كانت جل تصريحاته للغرب، وكتب في 2007 مقالا في صحيفة «واشنطن بوست» يطالب فيه واشنطن بالتواصل مع حماس، التي دائما ما تنفي سعيها للتواصل مع الأميركيين!
والأمر أسوأ بالطبع للإخوان والإسلاميين الذين يتهمون البرادعي، وغيره، بالعمالة للخارج، بينما يستجدون الغرب للتدخل بالشؤون المصرية الداخلية، وهذا أسوأ أصلا من الوساطة التي ينفونها! والحقيقة أن الإخوان لم يسقطوا سياسيا فحسب، بل سقطت شعاراتهم الفارغة طوال عقود من انتقاد خصومهم بالتبعية للغرب، والاستقواء بالخارج، حيث بات الإخوان المسلمون اليوم مثلهم مثل المالكي، وحماس، حيث لا يعولون على دعم داخلي بقدر تعويلهم على الخارج، وهو ما فعله الإخوان أيضا طوال العام الماضي بالارتماء في أحضان إيران، والغزل الفاضح مع الأميركان، والآن مع الاتحاد الأوروبي، وخلافه، بحثا عن الحكم الذي أضاعوه بأنفسهم يوم استعدوا كل المصريين!
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"