طارق الحميد
السؤال أعلاه كان محور جل النقاشات في البرامج السياسية الصباحية بالمحطات التلفزيونية الأميركية الأحد الماضي، والسؤال مستمر: لماذا يُنتقد الاتفاق الأميركي - الروسي حول نزع أسلحة الأسد الكيماوية؟ وهل كان بمقدور الرئيس أوباما فعل المزيد؟
الإجابة بسيطة، وهي أن الاتفاق الأميركي - الروسي، بتفاصيله المعلنة، يبدو مخرجا، أو عملية تجميلية، وليس اتفاقا سياسيا جادا. إشكالية الرئيس الأميركي في هذا الاتفاق أنه تكلم بهدوء، أي استخدم الدبلوماسية مع روسيا والأسد، لكنه، أي أوباما، لم ينفذ نصيحة الرئيس الأميركي الأسبق روزفلت كاملة والتي تقول «تكلم بهدوء، واحمل عصا»! أوباما لم يحمل العصا في هذا الاتفاق، إذ كان ينتظر من إدارته أن تقوم بتوقيع الاتفاق المعلن مع روسيا بضمان الفصل السابع في مجلس الأمن، مما يعني أن فشل الأسد في الالتزام ببنود الاتفاق سيقود لاستخدام القوة ضده. وهذا ما لم يحدث بالطبع للآن، بل إن وزير الخارجية الروسي قال أمام نظيره الأميركي إنه لا اتفاق على استخدام للقوة، أو العقوبات، تحت الفصل السابع!
ورغم كل ذلك كان من الممكن أيضا القول بأن الاتفاق الأميركي - الروسي مقبول، وعلى علاته، لو أعلنت الإدارة الأميركية، فور إعلان الاتفاق مع الروس، وفعلا لا قولا، عن مباشرة دعمها الفوري للمعارضة السورية بالأسلحة النوعية التي تضمن ليس ثباتهم على الأرض، وإنما تعزيز قوتهم، ومساعدتهم في كسر الدعم العسكري المقدم من إيران وحزب الله للأسد، مع تعهد أوباما صراحة، بعد الاتفاق مع روسيا، بأنه سيتدخل عسكريا في سوريا من دون اللجوء لمجلس الأمن، أو حتى الكونغرس الأميركي، وهو مخول له فعل ذلك دستوريا، حينها كان الاتفاق الأميركي - الروسي سيؤخذ بمحمل الجد من الجميع، وأولهم الروس والأسد.
وكان من شأن هذا الموقف الأميركي، لو اتخذ - أي المباشرة بدعم الجيش الحر بالسلاح النوعي، والدعم الاستخباراتي - أن يقود إلى أحد أمرين؛ إما هزيمة الأسد على الأرض، وهو ما يعني هزيمة إيران وحزب الله، والروس، وهو هدف استراتيجي يخدم كل من في المنطقة من دون استثناء، أو أنه سيقود إلى الدفع بالحل السياسي الفعلي والعملي، وباستجداء من الروس والإيرانيين، وهذا ليس تحليلا أو اقتراحا نابعا من متعاطف مع الثورة السورية، بل إن هذا هو ما يجب أن يتم من قبل الأميركيين، خصوصا أن الرئيس أوباما هو من قال مرارا، وتكرار، إنه على بشار الأسد أن يرحل من السلطة، وهذا أمر يتطلب أفعالا وليس أقوالا.
وعليه فما دام الاتفاق الأميركي - الروسي منزوع الأسنان، ولا يقول صراحة بمعاقبة الأسد في حال لم يلتزم، وليس هناك تحرك أميركي فعلي لدعم المعارضة بالأسلحة النوعية، فإنه من الطبيعي أن يُنتقد الاتفاق الأميركي - الروسي ويقال إنه غير قابل للتنفيذ، وهذا ما ستثبته الأيام، لكن حينها سيكون الثمن فادحا على سوريا والسوريين، والمنطقة ككل، وهذا في حد ذاته يوجب انتقاد سلبية الرئيس أوباما تجاه الأزمة السورية حاليا.
نقلاً عن جريدة الشرق الأوسط