طارق الحميد
على الرغم من تجاوز نظام الأسد الخطوط الحمراء التي رسمها الرئيس الأميركي باستخدامه الأسلحة الكيماوية فإن موقف الإدارة الأميركية لا يزال مترددا ومرتبكا، حيث تقول التسريبات الأميركية، إن أوباما يريد التأكد بشكل كامل من أن الأسد قد استخدم الأسلحة الكيماوية بالفعل، على الرغم من التأكيدات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية، فلماذا إذن هذا التلكؤ الأميركي؟
قبل الإجابة لا بد من رواية ما سمعته من مسؤول عربي كبير قبل أسابيع، حيث سألته: «ما الذي يجعل حزب الله يتورط في الدفاع عن الأسد وكل المؤشرات تقول إنه خاسر؟ لماذا يخاطر الحزب هكذا؟»، قال المسؤول العربي مجيبا: «ما يفكر فيه الحزب وأنصار الأسد عموما هو أن اتفاقا ما سيتم من فوق رؤوس العرب ينجم عنه نجاة النظام حتى لو سقط بشار الأسد نفسه».
وقبل الشروع في ماهية هذا الاتفاق الذي يمكن أن يمرر «من فوق رؤوس العرب»، فلا بد أن نتذكر، ووفق التسريبات الأميركية الأخيرة على خلفية استخدام الأسد الأسلحة الكيماوية، أن الرئيس أوباما يتحرك الآن وعينه على اللقاء المرتقب مع نظيره الروسي، وعليه فلماذا يتردد أوباما، وكيف يمكن أن يكون شكل هذا الاتفاق الذي قد يمرر «من فوق رؤوس العرب»؟ القراءة المحتملة تقول إنه قد يسعى الرئيس أوباما للجوء لأسهل الحلول للأزمة السورية، وإن كان لا يوجد هناك حلول سهلة، إلا أنه قد يكون أوباما يخطط للانتظار حتى الانتخابات السورية القادمة في عام 2014، وهنا قد يقول قائل: كيف؟
الانتظار للانتخابات السورية القادمة يعني فرض الحل السياسي، فإما أن ينتصر الثوار على الأسد من الآن حتى الانتخابات القادمة، ودون تدخل أميركي حقيقي، وإما أن يحل موعد الانتخابات، وحينها تضعف حجة حلفاء الأسد، حتى مع إعلانه عن نيته الترشح للانتخابات القادمة، فحينها سيكون من السهل على الأميركيين الضغط على الروس والإيرانيين للقبول بانتخابات لا يشارك فيها الأسد، وخصوصا أن عدم مشاركته لا تعني سقوط أو رحيل النظام، بقدر ما تعني رحيل الأسد وحده. وبذلك يفوت الأميركيون على الروس فرصة تحقيق ثمن باهظ مقابل رأس الأسد، وكذلك تطمين، أو تحييد الإيرانيين دون الجلوس معهم على طاولة تفاوض، وتطمين لإسرائيل أيضا مفاده أنه حال رحيل الأسد الحامي للحدود في الجولان، فإن النظام لن يسقط، وبالتالي فلا فوضى في سوريا على غرار ما حدث في العراق بعد الغزو، ومن شأن ذلك بالطبع طمأنة حزب الله، كما أنه من شأن هذا الحل الانتظار لانتخابات 2014، وتفويت الفرصة على «القاعدة» وجبهة النصرة، وفق المنطق «الأوبامي»، كما يحد من حجم التخوف على مستقبل الأقليات.
هذه هي القراءة الوحيدة للتردد الأميركي، فأوباما انتظر عامين تقريبا في الأزمة السورية، فما الذي يمنع ألا ينتظر عاما آخر؟ وقد يقول قائل هنا إن في هذه القراءة تشاؤما وإيغالا في نظرية المؤامرة! أتمنى ذلك!
نقلاً عن جري\ة الشرق الاوسط