طارق الحميد
لا شك أن الاتهام الأميركي لإيران بالتعاون مع تنظيم القاعدة لتحويل الأراضي الإيرانية إلى محطة ترانزيت من أجل تسهيل تحرك المتطرفين التابعين لـ«القاعدة» من إيران إلى سوريا، يكشف الكثير، ويجيب أيضا عن أسئلة تطرح عن أنشطة «القاعدة» بالمنطقة، وتحديدا في سوريا، دون إجابات مقنعة.
ومن الأسئلة التي تطرح: من يمول المتشددين في سوريا؟ وسبق أن طرحته هنا في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2013، الآن تقول وزارة الخزانة الأميركية، التي وجهت تهمة تعاون إيران مع «القاعدة»، إن جعفر الأوزبكي عضو «القاعدة» الفاعل هو ضمن من يتولون تسهيل نقل المقاتلين المتطرفين والأموال إلى سوريا، وهو ما يجيب عن السؤال الملح عمن يمول «القاعدة» بسوريا، وبالطبع هناك أموال أخرى تذهب إلى سوريا من أماكن متفرقة، مثل أموال بريئة تتعاطف مع محنة السوريين، لكنها ليست بذلك التأثير الذي يجعل تنظيم القاعدة قادرا على إرباك الأوراق في سوريا، فالواضح أن هناك أموالا تضخ وتدار بشكل يفوق قدرة المتعاطفين، والمتبرعين.
ما تفعله «القاعدة» في سوريا يظهر أن هناك تعاونا استخباراتيا يوفر لـ«القاعدة» سهولة التحرك، وإلا فمن المستحيل أن تتمكن «القاعدة» والتابعون لها من إشغال الجيش الحر بهذه الطريقة التي لم تستطع قوات الأسد، ولا حتى ميليشيات حزب الله، فعله. صحيح أن قوات الأسد وحزب الله، وحتى المقاتلين الإيرانيين، قد ساهموا في الحد من سرعة إسقاط الأسد وتقدم الجيش الحر، لكنهم لم يستطيعوا إرباك «الحر» كما فعلت «القاعدة»، ويكفي الآثار الإعلامية السلبية، والربكة السياسية التي نتجت عن إطلالة «القاعدة» ودفعت الغرب إلى التردد في دعم الثورة السورية والجيش الحر بشكل فعال، من خلال تسليحه بالسلاح النوعي.
ومن هنا فإن كل ذلك يقول لنا إن السؤال عمن يمول المتشددين في سوريا يجب أن يكون مطروحا حتى حول وجود «القاعدة» في العراق، خصوصا أن الاتهام الأميركي لإيران بدعم «القاعدة» في سوريا ينسف كل ما يصدر عن الحكومة العراقية من تهم جزاف بحق الدول العربية، فمن يضمن الآن أن طهران لا تسهل أيضا تحرك «القاعدة» في العراق كما تفعل في سوريا، بل وكما فعلت في العراق بعد سقوط صدام حسين؟ ومن يضمن أن إيران لا تفعل ذلك أيضا في اليمن، ولبنان، وغيرهما، خصوصا أن كل ما تفعله «القاعدة» بتلك المناطق حاليا يصب في مصلحة إيران التي تدعي اليوم فجأة أنها من يحارب الإرهاب في المنطقة، ومعها نوري المالكي وبشار الأسد؟
ولذا فإن الاتهام الأميركي لإيران بمساعدة «القاعدة» في سوريا ليس مجرد اتهام وحسب، بل يجب أن يكون مدعاة لتغيير قواعد اللعبة في سوريا وغيرها، وهذا دور العرب الفاعلين بكل تأكيد.
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"