طارق الحميد
شهدت مصر، وتشهد، مجموعة من الأعمال الإرهابية المنظمة منذ سقوط حكم «الإخوان المسلمين» هناك، وهي أعمال إرهابية تتفاوت في مستواها، ونوعيتها، من عمليات اغتيال تستهدف الضباط، إلى عمليات إرهابية نوعية مثل الجريمة الأخيرة التي وقعت في مدينة طابا السياحية في سيناء.
وكل العمليات الإرهابية التي تشهدها مصر مؤخرا تدل على أن ما يحدث هناك هو إرهاب يائس تقوم به جماعات، سواء بتحريض من «الإخوان المسلمين» أو دفاعا عنها، أدركت أن عجلة التغيير بمصر قد سارت، وأنه لا أمل في السيطرة على الدولة المصرية مجددا، ناهيك عن عدم إمكانية ابتزاز الدولة. أضف إلى ذلك إدراك «الإخوان»، ومنفذي العمليات الإرهابية، أن نسبة التعاطف الدولي معهم قد انحسرت، ولذا فقد تشهد مصر المزيد من العمليات الإرهابية، لكنها عمليات يائسة لا تختلف كثيرا عما شهدته مصر في أواخر التسعينات الماضية من اغتيالات واستهداف لقطاع السياحة.
ولذا فمن المتوقع بالطبع زيادة وتيرة هذا الإرهاب اليائس مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، خصوصا عند إعلان المشير عبد الفتاح السيسي ترشحه للانتخابات، لأن «الإخوان المسلمين»، والجماعات الإرهابية، يعون جيدا معنى وتبعات ترشح السيسي. كما أنه من المتوقع كذلك زيادة وتيرة الإرهاب اليائس بمصر في حال أقدمت الدولة على اتخاذ مزيد من الخطوات الإصلاحية الفعالة التي يستطيع المواطن المصري لمسها بشكل مباشر، مما يدفعه، أي المواطن المصري، إلى مزيد من الوقوف مع الدولة، كما يفعل الآن، مع الإمعان في نبذ جماعة الإخوان المسلمين، والجماعات الإرهابية الموالية لها.
وعليه فإنه ليس هناك ما يثير القلق أمنيا حول قادم الأيام في مصر، فنحن أمام مشهد إرهابي متكرر يشبه مشهد التسعينات، إلا أن الأهم الآن هو وجوب أن تسرع الدولة المصرية في إصلاح الوضع الاقتصادي، وتوليه عناية واهتماما كالذي توليه للجانب الأمني الذي سيكون في أفضل حال، من حيث التعاون بين المواطن والأجهزة الأمنية، عندما يشعر المواطن بسير عجلة الاقتصاد، والإصلاح، ولذا فإن الواجب الآن بمصر هو عدم القلق كثيرا من هذا الإرهاب اليائس، وضرورة عدم القيام بأي إجراءات غير مبررة، بل المفروض هو مزيد من إصلاح وإسراع عجلة الاقتصاد، ومواصلة إكمال خارطة المستقبل دون تردد، فمثلما تغلبت مصر بالأمس على الإرهاب الذي استهدف رموز المجتمع، سياسيا وثقافيا وأمنيا، فإنها قادرة اليوم على هزيمة هذا الإرهاب اليائس، لكن مع ضرورة تفادي أخطاء الماضي.
الدرس الذي يجب أن يتعلمه المصريون، ومثلهم الدول العربية التي عانت وتعاني من الإرهاب الإخواني، وغيره من التدخلات الإيرانية إلى غيرها، هو ألا تكون مكافحة الإرهاب عذرا للتقصير، أو مبررا للقمع، والبطش، فأفضل سلاح في مواجهة الإرهاب هو الاستمرار في الإصلاح السياسي والاقتصادي والتعليمي، وهذا ما يجب أن تفعله مصر التي تقود اليوم معركة وعي مهمة ضد الإرهاب المتلبس بلباس الديمقراطية الزائفة، على الطريقة الإخوانية، ليس في مصر وحدها، وإنما في كل المنطقة!
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"