طارق الحميد
بعد أقل من أسبوع على مصرع رجلي أمن بعملية إرهابية في بلدة العوامية، شرق السعودية، عادت الداخلية السعودية لتصدر بيانا آخر تكشف فيه عن تعرض ثلاثة رجال أمن آخرين لجروح جراء عملية إرهابية جديدة ضدهم هناك!
واللافت في بيان الداخلية السعودية هو القول إن «مثل هذه الاعتداءات الإرهابية التي تتدثر بالجبن والعمالة وتتستر بالمواطنين الأبرياء، لن تزيد رجال الأمن إلا إصرارا على القيام بواجبهم المقدس في حفظ الأمن ومواجهة هؤلاء الإرهابيين ومن يساندهم ماديا أو معنويا وتطبيق الأنظمة بحقهم». وهذا تصريح واضح لا لبس فيه، خصوصا الحديث عن «الاعتداءات الإرهابية التي تتدثر بالجبن والعمالة.. »، فما يحدث بالعوامية، ومنذ فترة، هو عمل إرهابي يتدثر بالعمالة لا شك، خصوصا أن الجرائم الإرهابية هناك ليست جديدة، بل متكررة، وإن كانت متقطعة، ولذلك أسباب بالطبع، وأهمها الانضباط المذهل الذي تمارسه الداخلية السعودية مما أدى إلى تفويت فرصة التأجيج الذي يهدف إليه الإرهابيون هناك، ومَن يقف خلفهم.
والواضح من عمليات التصعيد الأخيرة بالعوامية هو أن هناك محاولات لاستباق زيارة الرئيس الأميركي للسعودية من أجل توتير الزيارة، وهي لعبة مكشوفة، وقديمة جديدة، لكن الجميع يعلم أن السعودية منفتحة على جميع أطياف مواطنيها، وقبل ما يعرف بالربيع العربي، وهو أمر مثبت ومعلوم. كما أن السبب الآخر لهذا التصعيد هو المحاولة اليائسة للدفاع عن بشار الأسد، اعتقادا من البعض أنهم بذلك يناصرون طائفتهم. والحقيقة، أن هذا هو العبث بعينه، وهنا بيت القصيد، فأفضل نصرة للطائفة الشيعية بكل المنطقة ليس حمل السلاح وتشويه مفهوم المواطنة، بل إن الدفاع الحقيقي عن الطائفة يكمن في ضرورة وقوف عقلاء الشيعة بكل المنطقة في وجه إيران التي تتاجر بشبابهم، وتستخدمهم حطبا لنار معركة خاسرة.
الدفاع الحقيقي عن الطائفة الشيعية يكمن في إعلاء قيمة الوطن والمواطنة وليس الانسياق وراء أجندات يضعها متطرفون هنا وهناك، وإلا فما الفرق بين متطرفي الشيعة، ومتطرفي السنة المنتمين لـ«القاعدة»، والذين يخرجون على دولهم، ويكفرونها، نصرة لقيادات خارجية؟! بالطبع لا فرق، ولذا فإن أفضل معركة تخاض دفاعا عن الطائفة ليس بالقتال دفاعا عن الأسد، وفي المكان الخطأ، أي السعودية، بل يجب أن تكون مواجهة عقلاء الشيعة مع إيران نفسها لمنعها من استغلال شباب الطائفة بالمنطقة، ومن أجل أن تكف إيران أيضا عن دعم الأسد الذي يقوم بقتل شعبه، وهو ما سيعود بالبلاء على عقلاء الشيعة، عاجلا أو آجلا، سواء في سوريا أو لبنان، وخصوصا مع تورط حزب الله بالدم السوري، والأمر نفسه ينطبق على العراق بالطبع.
وعليه، فإن المملكة العربية السعودية آمنة وراسخة، والأسد قاتل زائل، والمواجهة الحقيقية التي يجب أن يخوضها عقلاء الشيعة يجب أن تكون مع إيران نفسها دفاعا عن شرفاء الطائفة بكل مكان، لا أن يُسمح للمتطرفين بخوض معركة في المكان الخطأ، فهل يستوعب العقلاء ذلك؟ هذا ما نرجوه.
نقلاً عن "الشرق الأوسط"